الجمعة، 20 أكتوبر 2023

للتحميل PDF | العلاقات السياسية بين بيزنطة والشرق الأدنى الإسلامي - دكتور / وديع فتحي عبدالله ، مؤسسة شباب الجامعة، 1990م

للتحميل PDF | العلاقات السياسية بين بيزنطة والشرق الأدنى الإسلامي 

تأليف الدكتور / وديع فتحي عبدالله 

الناشر : مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية ، الطبعة الأولى ، 1990م

عدد الصفحات : 446





التعريف بالكتاب : 


* تقديم بقلم أ.د جوزيف نسيم يوسف 

يسعدني أن القدم القراء العربية الكرام باحثاً متميزاً في تاريخ العصور الوسطى الأوربية بوجه عام وتاريخ العلاقات البيزنطية الإسلامية على وجه الخصوص، هو الدكتور وديع فتحى عبد الله مدرس التاريخ الوسيط بكلية آداب بنها، والباحث من أبناء كلية الآداب بجامعة الاسكندرية حصل في مايو ۱۹۷۲ على درجة الليسانس في الآداب من قسم التاريخ - وفى مارس ۱۹۸۲ حصل على درجة الماجستير في الأداب تحت إشرافي في موضوع العلاقات السياسية بين الدولة البيزنطية والخلافة العباسية في عهد الإمبراطور ثيوفيل (٢٩ - ٢١٤/٨٤٢ - ٢٢٨هـ) بتقدير ممتاز". وفي نوفمبر ۱۹۸۷ حصل على درجة الدكتوراه في الأداب تحت إشرافي في موضوع العلاقات السياسية بين الإمبر الحورية البيزنطية والشرق الأدنى الإسلامي (٧٤١ - - ١٢٥/١٢ - ٢٠٥هـ) بمرتبة الشرف الأولى .













وهذه الرسالة هى التى يقدمها اليوم في شكل كتاب مطبوع لتكون باكورة إنتاجه العلمى فى سلسلة تناول تاريخ العلاقات البيزنطية الإسلامية والكتاب يحتوى على مقدمة، ودراسة تحليلية مقدية لأهم مصادر البحث وخمسة فصول وباخره خاتمة والملاحق، ثم قائمة المصادر والمراجع وبيان بالخرائط وفي المقدمة تحدث المؤلف عن أهمية الموضوع، وسيب اختياره له وحدوده الزمنية والجغرافية. ثم قدم دراسة تطيلية نقدية مقارنة لأهم المنابع والأصول البيزنطية والأرمينية والسريانية والعربية فان إلى محتوياتها وقيمتها التاريخية ومنهج مؤلفيها. وأوضح إن كانت مصادر ثقة أو لا، وإن كانت قد أوجزت أم أسهبت في سرد الأحداث أم مرت عليها من الكرام أم أختها تماماً، مثلاً أسباب ذلك. كما حدد المصادر التي انفردت بذكر معلومات لم ترد في غيرها من الأصول وعن طريق المقارنات والموازنات التاريخية توصل إلى العديد من الآراء والأفكار التي تتسم بقيمتها التاريخية الواضحة وتعتبر هذه الدراسة التى بها المؤلف إضافة لها وزنها إلى الدراسات الوثائقية والبنيوجرافية المتعللة بتاريخ العلاقات بين المسلمين والبيزنطيين.













وجعل عنوان الفصل الأول: العلاقات السياسية بين الإمبراطورية البيزنطية والخلافة الأموية قبيل الفترة الزمنية موضوع الدراسة ٦٥٠ - ٧٤٠م/٣٠ - ١٢٣هـ). وهو يعتبر مدخلاً طبيعياً وضرورياً لبقية فصول الكتاب، تحدث فيه عن نوعية هذه العلاقات التي تأرجحت بين الحرب والسلم والعداء والصفاء وفقاً لمقتضيات الظروف والأحوال في العالمين البيزنطى والإسلامي. ومن القضايا التي عالجها دور جماعة المردة في الصراع بين الطرفين، وانعكاس هذا الصراع على الأدب خاصة قصص البطولة والملاحم. 












أما الفصل الثاني وعنوانه العلاقات السياسية بين الإمبراطورية البيزنطية والشرق الأدنى الإسلامي في عهد الإمبراطور قسطنطين الخامس (٧٤١) - ٧٧٥م ۱۲۰ - ۱۰۸ هـ. فقد تناول فيه المؤلف بالدراسة الجادة عدة نقاط هامة توصل فيها إلى آراء جديدة من بينها إختلاف استراتيجية الخلافة العباسية عن سياسة الأمويين تجاه بيزنطة وأسباب ذلك؛ وأيضاً دور كل من الخزر والترك والأرمن والبلغار في الصراع البيزنطي الإسلامي، وانعكاس ذلك على طبيعة العلاقات بين القوتين العظميين وقتها. ومن الآراء الجديدة التي توصل إليها أن الخليفة العباسي المنصور عقد اتفاقية لتبادل الأسرى مع بيزنطة، ولكنه رفض عقد هدنة معها خلافا لما هو متعارف عليه في المراجع الحديثة، كما حالفه التوفيق في تحديد الجزيرة التي كانت هدفاً للحملة الإسلامية عام ١٤٨هـ / ٧٦٠م بأنها صقلية وليست قبرص كما ذكر بعض المؤرخين. 
















وعنوان الفصل الثالث العلاقات السياسية بين الإمبراطورية البيزنطية والخلافة العباسية في عهد الامبراطور ليو الرابع ٥ - ١٥٨/٧٨٠ - ١٦٤هـ). واستعرض فيه أحوال كل من بيزنطة والخلافة العباسية وقتها ومدى تأثيرها على العلاقات السياسية بينهما. وتوصل من دراسته أن تلك العلاقات قامت على أساس الأفعال وردود الأفعال من كلا الجانبين مستشهداً بالأحداث التى كانت المنطقة مسرحاً لها. ومن الآراء الجديدة التي توصل إليها المؤلف تعمد المؤرخ البيزنطى ثيوفان تشويه صورة القائد البيزنطي ميخائيل لاخانودراكون بدون وجه حق، مبيناً دوافعه في ذلك. كما ناقش رأى بعض المؤرخين القائل بأن نشاط كل من المهدى وهارون كان من أجل السلب والنهب مدللاً بالأسانيد أن هذا النشاط كان جهاداً فى سبيل الله وأنه كان يمثل ضرورة سياسية وحربية، وإستراتيجية بعيدة المدى اقتضتها سلامة الدولة العربية الإسلامية وأمنها، بهدف تأمين حدودها ضد جارتها الدولة البيزنطية المتاخمة لها. 



















أما الفصل الرابع فقد جعل عنوانه العلاقات السياسية بين الإمبراطورية البيزنطية والخلافة العباسية في عهد الإمبراطور قسطنطين السادس (۷۸۰ - ۷۹۷م/ - ۱۸۱هـ . وأوضح فيه تأرجح ميزان القوى فى الصراع بين العباسيين والبيزنطيين، والأسباب المؤدية لذلك، ومن النقاط الهامة التي عالجها، حقيقة الدور الذي قام به القائد العباسي عبد الكبير فى عام ١٦٤هـ /۷۸۱م عندما لحقت به الهزيمة في ميلوس، مبيناً أن المؤرخ الطبرى لم يعطه حقه. كما توصل إلى تحديد شروط الصلح الذي عقد بين البيزنطيين والعباسيين عقب حملة الخليفة المهدى فى البسفور عام - 178 ١٦٥هـ / ٧٨٢م. 














وفي الفصل الخامس والأخير وعنوانه العلاقات السياسية بين الإمبراطورية البيزنطية والخلافة العباسية (٧٩٧ - ١٨١/٢٠ - ٢٠٥هـ)، تحدث المؤلف عن الهزائم التي لحقت ببيزنطة في عهد هارون الرشيد مع بيان أسبابها والآثار المترتبة عليها. كما كشف عن طبيعة العلاقات التي قامت بين هارون الرشيد وشارلمان، وعدى انعكاسها على العلاقات العباسية البيزنطية. وأثبت صحة الخطابات المتبادلة بين هارون الرشيد والإمبراطور البيزنطي نقفور مع استعراض محتوياتها وما يمكن استخلاصه منها. كذلك أوضح النتائج الوخيمة التي عادت على الدولة البيزنطية من جراء سياسة نقفور القائمة على عدم الالتزام بتعهدات السلام التي عقدها مع العباسيين وأثر ذلك على العلاقات بين القوتين. وفى الخاتمة ألقى نظرة موضوعية شاملة على مسرح الأحداث ودور القوى المتصارحة فوقه إبان الفترة الزمنية موضوع الدراسة ثم استعرض أهم القضايا التي تعرض لها، وأبرز الآراء والنتائج التي خلص إليها . وذيل الكتاب بعدة ملاحق تتصل بموضوع البحث اتصالاً وثيقاً، وتلقى المزيد من الأضواء على بعض جوانبه وخباياه وكلها مستناه من المصادر البيزنطية، وقام المؤلف بنقلها للمرة الأولى من لفتها الأصلية إلى اللغة العربية، مع التقديم لها والتعليق عليها. 















وتضمن الكتاب عدة خرائط توضيحية يبدو فيها مجهوده واضحاً. وخلاصة القول إن هذا الكتاب يغطي فترة هامة في تاريخ العلاقات البيزنطية الإسلامية أغفلها عدد غير قليل من المؤرخين الحديثين المتخصصي، بينما مر عليها البعض الآخر من الكرام دون أن يعطوها حقها من الدراسة، ودون الاعتماد على مختلف مصادرها وأصولها. وعلى هذا تعتبر الدراسة التي بين أيدينا أول عمل علمى متكامل في هذا الموضوع اعتمد فيه مؤلفه على مختلف أصوله ومنابعه من عربية وبيزنطية وأرمينية وسريانية وغيرها، سعياً وراء الحقيقة التاريخية المطلقة التي نجح في إثباتها. لقد جاءت معبرة، فى دقة وحيدة وأمانة، عن مختلف وجهات النظر. وساعد المؤلف على ذلك دراسته للغتين اللاتينية واليونانية البيزنطية في السنة التمهيدية للماجستير وأثناء إعداده لدرجتي الماجستير والدكتوراه بأداب الإسكندرية. 
















وأخيراً، إن المتصفح للكتاب سوف يجد عشرات القضايا القيمة التي تصدى لها المؤلف متناولاً إياها بالتحليل والتعليل والتفسير والنقد. وعن طريق المقارنات أمكنه التوصل إلى العديد من الآراء والأفكار والنتائج التي تتسم بعمقها وجدتها وأصالتها. الأمر الذي يجعل من هذا العمل إضافة طيبة إلى مكتبة التاريخ البيزنطي بصفة عامة. ومكتبة الدراسات البيزنطية الإسلامية على وجه الخصوص. دكتور جوزيف نسيم يوسف استاذ تاريخ العصور الوسطى كلية الآداب - جامعة الاسكندرية الاسكندرية في 4 إبريل ۱۹۸۹



















مقدمة المؤلف : 

تعتبر العلاقات بين الامبراطورية البيزنطية والشرق الادني الإسلامي من الموضوعات الهامة، سواء العلاقات السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية. ولاتزال بعض جوانب هذه العلاقات بحاجة إلى دراسات جاده مستفيضة تسد العديد من الفجوات والثغرات، وكان العالمان البيزنطى والاسلامى أعظم القوى السياسة في العالم في ذاك الوقت. وقد فرضت ظروف الحدود المشركة بينهما الاحتكاك المستمر. فقد كانت بيزنطة هدفا للافارات الإسلامية منذ وقت طويل يرجع الى القرن السابع الميلادى الاول الهجرى) ولكنها تصدت لها بسبب حصانتها ودفاعاتها القوية. واستمر الصراع بين القوتين طوال العصر الوسيط، يخبو تارة ويتفجر تارة أخرى، وفقا لمقتضيات الظروف والاحوال لدى كل منهما. 
















وقد دفعني لإختيار موضوع العلاقات السياسية بين الإمبراطورية البيزنطية والشرق الادنى الاسلامي (۷۱-٢۰ / ١٢٤-٢٠٥هـ) أنه يعالج فتره محددة من تاريخ العلاقات بين بيزنطة والعالم الاسلامى لم تأخذ حقها من الدراسة فكل ما كتب عنها عبارة عن نتف وشذرات مبعثرة فى كتب المؤرخين المحدثين المعنيين بالتاريخ البيزنطي من عرب وأجانب على السواء. وبمعنى آخر أنه لا توجد مؤلفات قائمة بذاتها تناولت الموضوع الذي عالجناه من واقع المصادر المختلفة من عربية وغير عربية، ومن هنا تأتي أهمية الموضوع وجدته . وارجو من الله التوفيق من اجل مزيد من الدراسات في هذا المجال. 

















على أي حال، إذا كانت المرحلة الأولى من تاريخ الإمبراطورية البيزنطية تمتد - وفقاً لرأى فريق من المؤرخين من عصر دقلديانوس في أواخر القرن الثالث الميلادي وتنتهى بظهور هرقل في مستهل القرن السابع الميلادى الأول الهجري)، تعتبر العصر المبكر لتاريخ هذه الإمبراطورية، أو العصر المتأخر للإمبرالمطورية الرومانية، فإن المرحلة التالية، والتي تمتد من أوائل القرن الثاني عشر الميلادى تعتبر الحقبة المتوسطة للإمبراطورية البيزنطية أو بمعنى أدق تعتبر صميم التاريخ البيزنطي. وهي تعد أزهى عصور بيزنطة التى كانت الوريثة الشرعية للامبراطورية الرومانية. وقد ارتكزت بيزنطة على دعامات قوية ثابتة حتى بدت خائل عمرها الطويل صلبة متماسكة. 
























فعلى الرغم مما كانت تتعرض له بين وقت وآخر من أزمات في الداخل والخارج تجعلها تبدو وكأنها على وشك الاستسلام، الا أنها عادة كانت تتغلب عليها وتتخطاها. وكان يعقب تلك الفترات فترات أخرى من القوة والازدهار مثلما حدث إبان حكم الامبراطو ليو الثالث الأيسوري وحكم خلفه الإمبراطور قسطنطين الخامس، فبيزنطة إلى جانب واجبها الديني كحامية المسيحية في الشرق، قامت بدور المدافع عن أوريا ضد هجمات اعدائها وبصفة خاصة المسلمين، ولم يكن انتقال مركز القوة في العالم الاسلامي من دمشق إلى بغداد أثر في وضع حد للعداوة بين الخلفاء المسلمين وأباطرة بيزنطة، فاذا كان خلفاء دمشق قد حاولوا ثلاث مرات الاستيلاء على القسطنطينية: الأولى في عهد عثمان بن عفان والثانية في عهد معاوية بن أبي سفيان والثالثة في عهد سليمان بن عبد الملك مستغلين قوة بحريتهم ولم تحقق هذه المحاولات أهدافها، فقد استمر الخطر الإسلامي أيضا بعد ذلك ولم ينته الا بسقوط عاصمة بيزنطة في قبضه العثمانيين. 





















وإذا كانت الكفاءة البحرية العباسية قد قلت عما كانت عليه من قبل فانها احتفظت بقوتها البرية نشطة متأهبة. لذلك أخذت في مواجة الحدود الشرقية للإمبراطورية البيزنطية بعنف فاق في بعض الاحيان عنف أسلامها الأمويين. هذا، في الوقت الذي عجزت فيه بيزنطة عن المحافظة على مكانتها العسكرية في أواخر القرن الثامن وأوائل القرن التاسع الميلادي (أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث الهجرى بسبب الصراع حول موضوع عبادة الصور والأيقونات واضطر بعض أباطرة بيزنطة إلى تقديم الجزية لخلفاء بغداد على النحو الذي ستعالجه في موضعه. وبصفة عامة، فقد كان خط الحدود بين القوتين المتحاربتين في أخذ ورد مستمر دون أن يسيطر أحد الفريقين تماما على هذه المناطق، كما أن نجاح بعض الحملات كان متوقفا على الاحوال الداخلية للفريقين ومن هنا كان من الضروري استعراض هذا النشاط تفصيلا، فلم يكن الأمر مجرد کسب سیاسی او دبلوماسي وانما كان أبعد من ذلك فالتسرب الثقافي والاقتصادى كان أوقع أثرا، وما كان ليحدث لولا هذا الاحتكاك الحربي وكان هذا التسرب يتم عبر آسيا الصغرى لينتقل من وإلى البيزنطيين والمسلمين. 



















هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن صراع الشرق والغرب كان سمة العصر العصر الوسيط الذي كان عصر عداء حربي، وتزمت ديني وقد استمر هذا الصراع مع استمرار هذا التزمت . وكان كل من الطرفين المتحاربين يستفيد بعظات ودروس من صراعه ضد الطرف الآخر فقد أوضحنا في هذه الدراسة أن النشاط الحربي بين العالمين البيزنطى والإسلامي كان صورة صادقة لقوة الدولة، كما أن هذا النشاط ارتبط بانواع أخرى من العلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وعلى حد قول بعض المؤرخين المحدثين إنه يجب أن تحتل السياسة الخارجية للعصر العباسي الأول على سبيل المثال مكانها من الدراسات الجادة، وأن تظفر بتقييم جديد يكشف من حقيقة الموقف الدولي وقتها، وجهود الخلفاء فيه فقد بذلوا جهودا ضخمة تضعهم في صف واحد مع أوفر المجاهدين المسلمين عملا وأكثرهم إخلاصا إن تحقق نتيجة لذلك ما يعرف باسم السلم الإسلامي Pax Islamicus (۲) هكذا كانت طبيعة العلاقات بين القسطنطينية ودمشق ثم بغداد من بعدها شديدة الاضطراب لا تكاد تستقر على حال فقد كانت حربا حينا، وسلما في بعض الأحيان. ولكن القاعدة الأساسية لهذه السياسة كانت الحرب، أما السلم فكان حالة عارضة لذلك كثيرا ما كانت فترات الهدوء القصيرة تسمى "هدن" أو فترات صلح وكثيرا ما كانت هذه الهدن ضرورة حتمية يلجأ إليها حكام الدولتين إذا دعت الظروف إلى ذلك بغرض التقاط الأنفاس واذا كان المسلمون قد انتصروا في بعض المواقع، وتمكنوا من ضم بعض المساحات إلى أراضيهم على حساب جارتيم، إلا أن البيزنطيين احتفظوا برايتهم على مناطق أخرى وبمعنى آخر انه لم تكن أى من القوتين تستطيع تحقيق النصر المطلق على الأخرى أو أن تصبغ الأرض التي استولت عليها بصبغتها. 






















فقد كانت كفتا الميزان في الصراع بينهما أنذاك متأرجحة فهى لصالح أحد الأطراف تارة ثم في صالح الطرف الأخر تارة أخرى، الأمر الذى لم يعكس التفوق الحاسم لأى منهما. لقد كان لكل جانب من طرفي الصراع عناصر قوة وعناصر ضعف فالغلالة العباسية كانت تحارب على حدودها عدوا واحدا هو الإمبراطورية البيزنطية، بينما كانت تحارب في الداخل أكثر من عدو فهناك التناحر بين القادة، والتمرد على السلطة أيضا، علاوة على الفتن التي اثارتها الطوائف المختلفة كل هذه الأمور ساعدت في الحد من مواجهة المسلمين الإمبراطورية البيزنطية في بعض الأحيان، أما بيزنطة ظلم تكن أقل تأثرا بالأوضاع الداخلية، فقد شهدت هذه الفترة فتنا ودسائس بين كبار رجال الدولة وموظفي البلاط، ورغم ما أبدته من مقدرة على تجاوز هذه المشاكل، إلا أنها تأثرت بها مما ترك بصماته على علاقاتها بالمسلمين. وفوق ما تقدم ترجع أهمية هذا الموضوع إلى أنه يعالج فترة حيوية من تاريخ العلاقات بين الإمبراطورية والشرق الأدنى الإسلامي، فضلا عن خلو المكتبة العربية من بحث قائم بذاته يلم بكل نواحيه وفى نفس الوقت فان ماكتبه المؤرخون الغربيون المحدثون لا يعبر في معالمه إلا عن وجهة النظر الغربية فحسب، مغقلا في ذلك وجهة النظر الأخرى. أما القليل منهم الذين تظاهروا بالحياد لم يستطيعوا التخلص كلية من ميولهم وأهوائهم، لتتخذ موقفا منصفا في تحليل الأحداث. 





























كما أن هؤلاء المؤرخين لم يتناولوا موضوع هذه العلاقات الا من خلال دراستهم الشاملة لتاريخ بيزنطة، وكتاباتهم العامة عن أحوالها، ولهذا فقد جاءت إشاراتهم عن هذه العلاقات في الفترة التي نحن بصدد دراستها، اشارات مقتضبة مبتورة وفترة تاريخية كهذه مليئة بالأحداث والتقلبات هي فترة جديرة بالدراسة لما تزخر به من الوقائع والحروب والاتصالات الدبلوماسية التي تركت آثارها على العالمين البيزنطى والإسلامي كما توافرت فيها شخصيات بيزنطية وإسلامية تركت بصماتها على مسرح الأحداث فعلى الجانب البيزنطي الأباطرة قسطنطين الخامس وليو السادس وايرين ثم نقفور. وقد اختلف الدور الذي لعبه كل منهم حسب مقتضيات ومعايير شخصية وزمنية. وفى الجانب الإسلامي أدى الخلفاء المسلمون دورا كبيرا وبصفة خاصة المنصور والهادى وهارون الرشيد. لقد اسهموا بدور بارز أثناء صراع الخلافة الإسلامية مع بيزنطة. ونظراً لأن مثل هذه الدراسة تقتضى الرجوع إلى المصادر الأصلية، وكلها مصادر بيزنطية بلغاتها القديمة سواء اليونانية أو اللاتينية، فضلا الأصول عن العربية، فقد تمنا بدراسة هذه المنابع دراسة تحليلية مقارنة. 

















وإذا أمعنا النظر في مصادر البحث سوف تلحظ أن المصادر البيزنطية تناولت موضوع هذه الدراسة من وجهة النظر البيزنطية، ولذلك اتسمت أحيانا بسمة التحيز، أما بالنسبة للمصادر العربية فقد بعدت أيضا عن الحقيقة في بعض الروايات. لذلك كانت مهمتنا التعرف على وجهتي النظر البيزنطية والعربية من واقع المنابع والأصول المعاصرة للفترة موضوع البحث وأيضا المتأخرة عنها زمنيا. وعن طريق المقارنات والموازانات التاريخية، وعن طريق التحليل المانع الجامع لمختلف الروايات يتسنى رسم صورة صحيحة لأحداث الفترة التي نحن بصددها . 























وقد اتخذنا في بحثنا منهاجا خاصا يتفق وطبيعة الموضوع وحدوده الزمنية. فرغم أنه يتناول العلاقات السياسية بين الإمبراطورية البيزنطية والشرق الأدنى الإسلامي، إلا أننا لم نغفل دور الأطراف الأخرى سواء التي ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر فى هذا المجال. فقد حدث الإشارة إلى البلغار وهجماتهم التي أثارت الاضطراب على الحدود البيزنطية وحينما تحولت بيزنطة إلى حربهم في الشمال أعطى ذلك للمسلمين الفرصة للهجوم على الأراضى البيزنطية في آسيا الصغرى. كما أشرنا إلى دور الترك والأرمن والخزر فى الصراع الدائم بين العالمين البيزنطي والإسلامي وكيف وقفت هذه العناصر بجانب أحد الاطراف ضد الطرف الآخر وما ترتب على ذلك من آثار وفي ذات الوقت حدث تحول في تأييد هذه العناصر من جانب إلى جانب آخر ثم العودة للجانب الأول وهكذا، حسبما كانت تقتضيه مصلحتهم الخاصة والظروف السياسية السائدة فى العالم فى ذاك الوقت. 





















ولا تستطيع أن نغفل ما حدث من تطلع الفرنجة وبابوية روما إلى الوثوب على مجد بيزنطة ومحاولة الاستيلاء على الأراضى البيزنطية في جنوب ايطاليا، مما فت في عضد بيزنطة وأثر على موقفها في علاقاتها بالمسلمين ولا يمكن أن تغفل فى هذا المجال ظهور شارلمان على المسرح السياسي بشخصيته القوية وتدريجه امبراطورا وإقامته علاقات طيبة مع الخلافة العباسية فى عهد هارون بصفة خاصة الأمر الذى ترك بصماته على العلاقات العباسية البيزنطية وعن الحدود الزمنية للموضوع، وهي الفترة الممتدة بين عامي ٧٤١-١٢٤/٨٢٠ ٢٠٥هـ أي قرابة الثمانين عاما. فقد عاصرها من الأباطرة البيزنطيين القسطنطين الخامس وأبو الرابع وقسطنطين السادس وايرين ونقفور الأول وستوراكيوس وميخائيل رانجابي وليو الخامس الارميني. وعاصرها من الخلفاء المسلمين هشام بن عبد الملك والوليد بن يزيد وابنه وابراهيم المهدى، ومروان الثاني من الخلافة الأموية ثم السفاح والمنصور والمهدى والهادى والرشيد والأمين والمأمون من الخلافة العباسية ولهذه الفترة دلالات مختلفة. 





















ففيما يتعلق بالجانب البيزنطى نلاحظ أن الحدود الزمنية تشمل الفترة التالية لحكم ليو الثالث الأيسوري وبقية حكم هذه الأسرة حتى اعتلاء ميخائيل الثاني المعموري العرش ليبدأ عهد أسرة جديدة في تاريخ بيزنطة هي الأسرة العمورية. وبالنسبة للجانب الإسلامي فقد شملت هذه الفترة الزمنية السنوات العشرة الأخيرة من حكم الدولة الأموية ثم معظم حكم الدولة العباسية الأولى، إذ توقفنا عند عام ٢٠٥هـ / ٨٢٠م أى بعد انقضاء سبع سنوات من حكم الخليفة العباس المأمون. أما عن الحدود الجغرافية للقوى التي ساهمت في هذا الصراع، فهى الإمبراطورية البيزنطية وعاصمتها القسطنطينية التي تمتد املاكها لتضم اليونان وايطاليا الجنوبية وآسيا الصغرى حيث توجد بعض الثيمات الأوربية الشرقية المنتشرة في مواجهة الحدود الإسلامية وعلى الجانب الآخر حددنا الشرق الإسلامي على أنه ايران والعراق والشام ومصر وماحول هذه البلاد، وكانت هذه المناطق تحت الحكم الأموى ثم العباسي أثناء الفترة موضوع هذه الدراسة. وركزنا في هذه العلاقات على الشام التي كانت أكثر جوارا لبيزنطة من مصر والعراق وإيران. 



























وهذا لا يمنع من اننا لم نغفل أي نشاط للعلاقات بين هذه المناطق جميعا وبين بيزنطة، وبمعنى آخر فقد قصدنا بالشرق الأدنى الإسلامي القوى الإسلامية المجاورة لحدود بيزنطة وهي الخلافة الأموية ومن بعدها الخلافة العباسية وهى القوى التي اشتركت حدودها مع حدود بيزنطة. وقد أدى هذا التجاور إلى قيام علاقات بين العالمين المتصارعين. واقتضت طبيعة هذا الموضوع تقسيمه إلى فصول خمسة تسبقها مقدمة ودراسة تحليلية نقدية مقارنة لأهم مصادر البحث، ويأخرها خاتمة وعدة ملاحق، ثم قائمة المصادر والمراجع وجعلنا عنوان الفصل الأول العلاقات السياسية بين الإمبراطورية البيزنطية والخلافة الأموية قبيل الفترة الزمنية موضوع الدراسة ( ٦٥٠-٧٤٠م/٣٠-١٢٣هـ) وعرضنا فيه للمواجهة العسكرية بين بيزنطة والخلافة الأموية خلال حكم الأباطرة هرقل وقنسطانز وقنسطنطين الرابع ثم جستنيان الثاني، وأثر تدهور أحوال بيزنطة الداخلية في تفوق الأمويين وبينا كيف أن بيزنطة عن طريق ثلاثة أباطرة عظام هم هرقل وقسطنطين الثاني والرابع، قد تمكنت من مواجهة حماسة الأمويين بقوتهم العسكرية خاصة البحرية. 























إلا أنه باختفائهم انتهت مرحلة التحدى لتبدأ مرحلة الضعف التي كادت تفتك بالإمبراطورية، واستمرت هذه المرحلة من ٦٨٥ إلى ٧١٧م /٣٨-٩٩هـ. ثم انتقلنا إلى عرض نشاط القرن الثامن الميلادى نهاية القرن الأول (الهجرى) والذي بدأه الأمويون باغارات مكثفة على بيزنطة طيلة السنوات الممتدة من ۷۰۰ إلى ٧١٥م/ ٨٦-١٦هـ. وأعقبه الحصار الأموى الشهير على القسطنطينية فى هـ / ٧١٧م. وعرضنا لهذا الحصار من حيث أسبابه والتجهيز له والنتائج التي ترتبت عليه. وفى هذا الإطار عالجنا دور ليو الثالث في حياة بيزنطة الخارجية المتعلقة بصد الخطر الأموى، وكيف أنه نجح في فتح جبهات جديدة على المسلمين مع الأرمن والترك والخزر مستفيدا من الضعف الذي بدأت تعانيه الخلافة الأموية وأوضحنا أن الخلافة الأموية تأثرت سلبا من جراء فشلها في غزو العاصمة البيزنطية. فقد تخلت عن فكرة الغزو وأصبح النشاط العسكري قاصرا على مناوشات الحدود واقامة التحسينات في آسيا الصغرى وحمايتها. 

















إذ الحق بهم عزيمة في اكرونيون عام ١٢٢هـ / ٧٣٩م ترتب عليها نتائج هامة بالنسبة لكل من الطرفين البيزنطى والأموى أما الأحوال الداخلية لبيزنطة فتتمثل في سلسلة الاصلاحات التي بدأها في مختلف المجالات خاصة العسكرية والاقتصادية ونجح في هذا إلى حد كبير حتى انه ترك لابنه قسطنطين الخامس امبراطورية قوية الأركان امكنها الصمود في منطقة الحدود الأسيوية مع جيرانها المسلمين. 



















أما الفصل الثاني وعنوانه: العلاقات السياسية بين الإمبراطورية البيزنطية والشرق الإسلامي في عهد الإمبراطور قسطنطين الخامس (٧٤١-١٢٤/٧٧٥ ١٥٩هـ)، فقد تناولنا فيه كيف وصلت المواجهة السياسية بين بيزنطة في عهده وبين الأمويين إلى الذروة. فبدأ بغزو ملطية فى عام ٧٤١م / ١٣٣هـ ورد الأمويون بفزو با فلا جونيا في العام التالي. ثم حللنا الثورة التي واجهت الإمبراطور في السنة الأولى من حكمه وكانت بقيادة ارتفاندوس من حيث أسبابها ونتائجها ، وكيف فشل العرب في استغلالها ثم انتقلنا للحديث عن نشاط الأمويين في هذه الفترة منتهزين فرصة الثورة سواء في تحصينهم لزيطرة أو بغزوهم قبرس فى ١٢٩هـ / ٧٤٦م، ثم استرداد حصن مرعش في عام ١٣٠هـ / ٧٤٧-٧٤٨م. ثم انتقلنا بعد ذلك للحديث عن سقوط الخلافة الأموية، وقيام الخلافة العباسية واختلاف الاستراتيجية العسكرية بين الخلافتين، وأثر ذلك على طبيعة الصراع مع بيزنطة. وانتقلنا إلى شرح توازن القوى بين الفريقين المتحاريين مع بداية حكم العباسيين. فقد بدأ قسطنطين الخامس عهده باستيلاءه على كل من ثيودوسيبوليس وكمخ وملطية فى ٧٥١ / ١٣٤ . وردت البحرية الإسلامية بالاغارة على صقلية وسردينيا في ١٣٤هـ / ٧٥٢م. وهزم قسطنطين الخامس فى موقعة دابق في عام ١٣٧-١٣٨هـ / وأمطنا اللثام عن النتائج التي ترتبت على هذه الهزيمة، وآراء المؤرخين حول الهدنة التي اعقبتها وماتعنيه ثم القينا الضوء على أحد الأطراف التي ساهمت بشكل غير مباشر في الصراع بين العالمين الإسلامي والبيزنطي، وهو البلغار فقد كان صراع بيزنطة مع البلغار طويلا معتداء واستمر منذ عام ٧٥٥م /١٣٨ هـ وحتى موت قسطنطين الخامس فقد ساهم البلغار بدور فى هذا الصراع، فإذا انشغل الامبراطور بالبلغار شغل عن المسلمين، والعكس صحيح ولهذا تركز النشاط البيزنطي تجاه الحدود الشرقية الإسلامية في السنوات الأولى من حكم قسطنطين الخامس وحتى عام ٧٥٥م/١٣٨هـ. ثم تناولنا طبيعة العلاقات بين العالمين البيزنطى والإسلامى فى فترة الخمس عشرة سنة التالية. 




















وعرضنا لأراء المؤرخين حول خلو السنوات ١٤٠-١٤٦هـ / ٧٥٧-٧٦٣م من الصوائف وأسباب ذلك كما ذكرنا أن بيزنطة قد اطمأنت على أن النشاط الإسلامي لن يوثر على أمنها رغم كثافته مثلما كان الحال في عهد الخلافة الأموية، فاقامت نظاما رفاعيا يحول دون توجيه ضربات قوية إليها إذا قامت قواعد عسكرية قوية في مناطق الحدود لمواجهة المسلمين، كما واجهت حركة ترميم وانشاء الحصون التي اقامها الأمويون، وتمكنت من وقف هذه الانشاءات خلال أزمة سقوط الدولة الأموية وأشرنا إلى تكريس العباسيين الجهد لاعادة بناء هذه الحصون مما يدل على أن استراتيجية. مواجهة بيزنطة لم تتوقف. وأكدنا على أن حركة التراجع العباس بنقل العاصمة الى بغداد، قد جعل بيزنطة في مأمن على حدودها المباشرة والقريبة ثم أشرنا إلى ما تعرض له كل من طرفي الصراع من أخطار داخلية وخارجية كان لها الأثر الكبير على النشاط السياسي والدبلوماسى فى الفترة من ١٤٦-١٥٥هـ / ٧٦٣-٧٧١م. 























ثم انتقلنا للحديث عن آخر نشاط عسكرى تم فيه مواجهة بين الخليفة العباسي المنصور والإمبراطور البيزنطي قسطنطين الخامس قبل وفاتهما، وهو الحملة البحرية الإسلامية على قبرس فى عام ١٥٧هـ / ٧٧٣م. وعرضنا لأسبابها وأحداثها ونتائجها ومدلولاتها واختتمنا الفصل بالحديث عن المتغيرات التي جدت على المسرح الدولي، وكيف تزايد القوى التي تعمل فوق هذا المسرح بظهور دولة الفرنجة في الغرب كقوة جديدة منافسة للإمبراطورية البيزنطية في العالم الأوربي، والأمويين في الأندلس كمنافسين للعباسيين. ومع هذا الشقاق بين أقسام كل من العالمين الإسلامى والمسيحى تظهر تحالفات المصالح وتستمر مناورات الحرب وتتداخل الخيوط وتتشابك القوى. 

























أما الفصل الثالث وعنوانه العلاقات السياسية بين الإمبراطورية البيزنطية والخلافة العباسية في عهد الإمبراطور ليو الرابع ۷۷-١٥٨/۷۸۰-١٦٤هـ ، فقد تناولنا فيه أحوال بيزنطة الداخلية والخارجية عند اعتلاء هذا الإمبراطور للعرش وأثر ذلك على العلاقات بين بيزنطة والمسلمين. ولاحظنا أن الظروف هيأت الفرصة لمحاربة المسلمين بشكل أفضل مما تم لسلفه قسطنطين الخامس. ففى الداخل ساد الاستقرار النسبى البلاد، وفى الخارج أمن ليو الرابع خطر البلغار وأشرنا إلى أنه أصلح من أحوال جيشه الذي خرج منهكا بعد سلسلة من الحروب الطويلة في عهد سلفه ثم تعرضنا لأفعال بيزنطة والرد العربي على ذلك في السنوات الثلاث الأولى من حكم الإمبراطور ليو الرابع. فبينما هاجم ليو حصن سميساط فى ٧٧٥-١٥٩/٧٧٦هـ، رد























الخليفة المهدى بالاستيلاء على حسن كاسن في العام التالي. وقد حللنا توافع هذا النشاط، وبينا أن الإمبراطور حاول من خلال هجومه أن يعرف المسلمين أنه سيسير  على نهج سلفه. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فهو يستعرض القوة البيزنطية معتمدا في ذلك على قادته الأوفياء الذين سبق لهم الخدمة في عهد الإمبراطور قسطنطين الخامس. وبصفة عامة استهدف تحقيق نصر يرفع الروح المعنوية لجنوده في بداية توليه العرش، وطلنا دوافع الرد العربي الذي قام به الخليفة المهدي الذي حاول هو الآخر تحقيق نصر في عمق الحدود البيزنطية في آسيا الصغرى، وليبلغ بيزنطة أنه سيسير على نهج . سلفه المنصور. ثم هاجم ليو الرابع مرعش والحدث في عام ۷۷۸م ١٦١ هـ ، فرد المهدى على ذلك في عامى ١٦١-١٦٢هـ /٧٧٨م، إذ هاجم حصونا عديدة أهمها دروليوم وعمورية. ثم عرضنا للحملة العباسية الكبيرة التي سيرها المهدى في عام ١٦٣هـ / ٧٨٠م إلى بيزنطة بقيادة ابنه هارون ونجاحها في الاستيلاء على حصن سمالو ثم تناولنا بالتحليل نتائج هذه الحملة ودلالاتها . 




























وذكرنا أن المهدى حسم إلى حد ما- كفة الصراع المتأرجحة لصالحه . ثم تناولنا فكرة الجهاد عند المسلمين، والحرب المقدسة عند البيزنطيين من خلال الصراع البيزنطى الإسلامى فى تلك الفترة، وبينا أن الصراع السياسي بين العالمين البيزنطى والإسلامي أصبح مرة أخرى مرتبطا بالدوافع الدينية وآخر ما عرضنا له في هذا الفصل الحديث عن العلاقات بين العباسيين والفرنجة في أطار المتغيرات الدولية التي أشرنا إليها في الفصل السابق، وأثرها على العلاقات البيزنطية العباسية. وجعلنا عنوان الفصل الرابع العلاقات السياسية بين الإمبراطورية البيزنطية والخلافة العباسية في عهد الإمبراطور قسطنطين السادس عام ٧٨٠-٧٩٧م / ١٦٤- ۱۸۱ وبدأنا بالحديث عن السياسية الداخلية والخارجية للإمبراطورة إيرين الوصية على العرش، وأثر ذلك على الصراع البيزنطى الإسلامي إذ كانت ايرين المحرك السياسة بيزنطة طوال هذه الفترة وأدى طموحها للحكم بمفردها إلى تدهور أحوال بيزنطة حتى تعددت المشاكل والاضطرابات الداخلية وكانت المشاكل الدينية الخاصة بعبادة الصور قاسما مشتركا لهذه الأحداث بشكل أو بآخر. هذا علاوة على تفاقم المشاكل المالية والاجتماعية. 














وأشرنا إلى سوء حظ بيزنطة التي حرمت من كفات الحكام في تلك الفترة. حتى ان ايرين ارتكبت أفدح الأخطاء في حق البلاد، حينما استغنت من القادة العسكريين الاكفاء من ذوى الخبرة، وادعت محلهم مجموعة من الخصيان معدومي الخبرة ثم تحدثنا عن الهزيمة التي لقيها الجيش العباسي بقيادة عبد الكبير في ميلوس في عام ١٦٤هـ /٧٨١م، وأشرنا إلى الآراء التي أثيرت حول هذه المعركة ثم تناولنا بالتفصيل الظروف التي عاشتها بيزنطة آنذاك، والتي أدت إلى خروج حملة الخليفة المهدى إلى البوسفور في عام ١٦٥هـ / ٧٨٢م، وأحداث هذه الحملة ونتائجها ودلالاتها ثم عرضنا لظروف اعتلاء هارون الرشيد العرش، واصلاحاته الداخلية، وأثر ذلك في تقوية الجبهة الإسلامية التي حققت ميلا لصالحها في صراعها مع بيزنطة نتيجة ما تعانيه من ضعف عام. 






















يعزز هذا انتصار هارون على الجيش البيزنطي في الاناضول عام ١٧٢هـ / ۷۸۸م، ثم حملته على قبرس عام ١٧٤هـ / ٧٩٠م ، ثم استيلاء العباسيين على حصن ربسة فى عام ١٧٦هـ / ٧٩٢م، وعلى كمخ عام ١٧٧هـ / ٧٩٣م. ونتائج ذلك، وبينا ان قسطنطين السادس لم تسمح له الظروف بمواجهة هذا النشاط المستمر، اللهم إلا نجاحه في صد حملة عباسية على الساحل الغربي على البحر الأسود في عام ٧٩٥م ١٧٩هـ وأشرنا إلى الهجوم الذي شنته القوات العباسية على كل من عمورية وأنقرة في عامى ١٨٠-١٨١هـ ۷۹٦-۷۹م. وقلت إنه حصل على أسرى ومخطوطات يونانية قديمة، وعرضنا للنتائج المترتبة على هذا ثم انهينا الفصل بالحديث عن موقف الغرب الأوربي من حكم ايرين وذكرنا إلى أن أيرين قد جلبت على بيزنطة ونفسها مشكلة خطيرة حينما سملت عينى ابنها . فقد اعتبرت البابوية والفرنجة أن عرش بيزنطة أصبح شاغرا بعد اختفاء قسطنطين السادس، فقامت بتتويج شارل العظيم إمبراطورا على الفرنجة والغرب والرومان في عام ٨٠٠م/ ١٨١هـ . 












أما الفصل الخامس فقد جعلنا عنوانه العلاقات السياسية بين الإمبراطورية البيزنطية والخلافة العباسية (۷۷-١٨١/۸۰-٢٠٥هـ) . وقد ضمت هذه الفترة من الجانب الإسلامي هارون الرشيد وبعض سنوات من حكم المأمون ومن الجانب البيزنطي كلا من ابرين ونقفور وميخائيل الأول رانجابي وليو الأرمينى وبدأنا هذا الفصل  بالاشارة إلى نشاط هارون الرشيد ضد إيرين وانتصاره على جيشها في بلاتينيا، وفي ثيم الأويبسيكيون عام ١٨٢هـ / ٧٩٨٧٩٧م ونتائج ذلك ثم أشرنا إلى أحوال بيزنطة الداخلية والخارجية عند اعتلاء الإمبراطور نقفور العرش فى عام ١٨٦/٨٠٢هـ ، وأثر ذلك على العلاقات بين بيزنطة والمسلمين. 






























وتعرضنا بالتفصيل النشاط هارون ضد بيزنطة في عهد تقفور الذى لقى عددا من الهزائم في عمورية وباب هرقلة في عام ٨٨هـ ٠٤هم ثم فى مدينة مرقلة فى عام ١٩٠هـ /٨٠٦م. ثم فى ريسة ورودس وكريت في عام ١٩١هـ /٨٠٦م. وحللنا هذه المعارك وأسبابها ودوافعها، ثم عرضنا للنتائج المترتبة عليها. وكان أكثرها مهانة البيزنطة حينما وافق على دفع جزية عن نفسه وابنه، ليميل ميزان القوى بشكل لايدع مجالا للشك لصالح العباسيين. وأوضحنا في هذا المجال أن الخلافة العباسية لم تهدف إلى التوسع، فقد حرصت على ردع القوة البيزنطية وتحقيق التفوق والصيت كقوة كبرى فى العالم أنذاك. ثم تحدثنا عن شخصية الظيفة هارون كواحد من أعظم رجالات عصره، وكيف أنه ارتقى بالخلافة العباسية إلى مكانة عالمية تركت بصماتها على العلاقات العباسية البيزنطية. وأخيرا عرضنا الأحوال المسلمين بعد وفاة هارون، إذ بدأت مجموعة من المشاكل الداخلية تهدد أمن الدولة كان اخطرها فتنة الأمين والمأمون. وأيضا أحوال بيزنطة بعد موت نقفور، إذ غرقت بيزنملة هي الأخرى في مشاكلها حتى تعاقب على حكمها أباطرة من أصول مختلفة قليلي الكفاءة. 






























وهكذا تنتهى فترة دراستنا للعلاقات السياسية بين العالمين البيزنطي والعباسي بظروف تكاد أن تكون متشابهة في كلا العالمين. وفى الخاتمة استعرضنا أهم القضايا التي عالجناها وأهم النتائج التي توصلنا إليها وكذلك زيلنا البحث بعدد من الملاحق ترتبط بالموضوع ارتباطا وثيقا. وهي كلها مستقاه من الأصول اللاتينية واليونانية القديمة التى لاتزال بلغتها الأصلية. وقد قمنا بنقلها للمرة الأولى إلى اللغة العربية مع التقديم لها والتعليق عليها كما زودنا البحث بعدد من الخرائط الجغرافية والتوضيحية ساعدت في القاء الضوء على تحديد الحدود الجغرافية لكل من العالمين البيزنطى والإسلامى، وكذلك مراكز الصراع ومواقع الاشتباكات العسكرية التي دارت بينهما .















وأخيرا وليس بآخر، فإذا كان هذا البحث قد أنجز على هذا النحو، فاقرر أنه ماكان له أن ينجز سوى بما توافر من مساعدات حصلت عليها من كافة اساتذتي وزملائي بجامعة الاسكندرية ، فلهم منى تحية إعزاز وتقدير وشكر. ويأتي في مقدمتهم استاذى الاستاذ الدكتور جوزيف نسيم يوسف الذي شرفت بالتلمذة على يديه منذ السنوات الأولى من مرحلة الليسانس وحتى الآن، وأرشدني إلى طريق العلم، وشجعني في تجاوز كل الصعاب. فهو بالنسبة لى، ولجميع طلابه رمز العطاء المتدفق بلا حدود. فجزاه الله عني وعن العلم كل الخير والصحة والعمر الطويل لخدمة العلم والمشتغلين به. والله ولي التوفيق 

وديع فتحى عبد الله

















الرابط  








اضغط اسفل  










اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي