للتحميل PDF | المظاهر الحضارية بعاصمة سلطنة سلاجقة الروم قونية ، عبد الرحمان لبناقرية ، رسالة دكتوراه ، جامعة الجزائر 2018.
عدد الصفحات : 500
نبذة عن الرسالة :
تعد دراسة تاريخ الدول والوقوف على أخبارها من الدراسات الهامة في التاريخ الإسلامي ، لما تشكله تلك الدول من دور هام على مسرح الأحداث وفي مختلف المجالات ، ولعل من أبرز تلك الدول دولة سلاجقة الروم في آسيا الصغرى ، التي تعد أقدم دولة إسلامية تركية تأسست في آسيا الصغرى في العصر العباسي ، وأدى تأسيسها إلى تغيير الواقع التاريخي والجغرافي للمنطقة ، فقد لعبوا دو از مهماً على مسرح التاريخ ، وكانوا من الجماعات التركية التي خرجت من مواطنها الأصلية ثم استقرت في أرض جديدة صنعت فيها أوطانها وحملت معها عناصر من مقومات حياتها الأولى وكانت حركتهم من الحركات الكبرى التي غيرت وجه التاريخ ، إذ أتاحت معركة ملاذ كرد سنة 463 هـ / 1071م للسلاجقة الانسياب إلى جوف آسيا الصغرى ، وشجعتهم النزاعات والحروب الداخلية التي نشبت بين الروم البيزنطيين على الاستقرار في ربوعها ، وتأسيس دولة عرفت في التاريخ الإسلامي باسم " دولة سلاجقة الروم وعاصمتها مدينة قونية " وقد استمرت هذه الدولة إلى سنة 708 هـ 1308م، أسسها سليمان بن قتلمش الذي بعد بحق جد سلاطين آسيا الصغرى في القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي واقتطاع آسيا الصغرى من جسم الامبراطورية وأقام عليها مملكة كانت أطول ممالك السلاحقة عمرا فقد استمرت إلى القرن السابع الهجري الثالث عشر الميلادي ولم يقض عليها إلا المغول. وقد كان سلاجقة الروم حريصين على تتريك آسيا الصغرى وصبغها بالصبغة التركية والتمهيد فيما بعد لدولة استطاعت الاستيلاء على القسطنطينية نفسها وهي الدولة العثمانية ، ونشر الإسلام فيها ، وكانوا سبباً في نقل الحضارة الإسلامية إلى تلك الأقاليم ، وأسقطوا الخط الدفاعي الذي كان يحمي المسيحية في أوربا من الإسلام في الشرق ، ولم يفقد البيزنطيون ممتلكاتهم فحسب بل دخل الإسلام في الأناضول وتكونت دولة إسلامية تركية وأدى انتزاع السلاجقة أرض الأناضول من الروم إلى تحويلها إلى أرض تركية إسلامية فمهدوا للترك العثمانيين السبيل إلى القضاء على دولة الروم والاندفاع في الأراضي والبحار الأوربية.
لا شك أن الكثير من حواضر الدولة الإسلامية، نالت حظا وافرا واهتماما كبيرا من الباحثين والدارسين خاصة في المراحل المتأخرة؛ إذ اتجهت الدراسات التاريخية في غالبها إلى دراسة الجانب الحضاري، وقد كان للعديد من الأقاليم والمدن الإسلامية دور حضاري وتقدم علمي مميز ، ومع ذلك لم تحظ بعناية الدارسين - والباحثين ومن بينها قونية، وإن كان بعض من جوانب تاريخها السياسي والديني والاقتصادي قد طرق في بعض الدراسات العلمية إلا أن الجانب العلمي والحضاري في شتى جوانبه ما يزال يفتقر إلى العديد من الدراسات الجيدة. وقد كانت قونية مركزا من مراكز العلم على من القرون في تاريخها الإسلامي ، وقد وصفها العلماء بأنها قبة الإسلام، وأم البلاد، ودار الفقه. وقد تميزت بنشاطها العلمي وذلك بفضل جهود العديد من العلماء والحكام والوزراء وأعيان البلاد وفضلاتها الذين كان لهم جهد كبير في ازدهار المدينة وتطورها، ومن هذا المنطل وموضوع قونية عاصمة سلاحقة الروم ، موضوع جديد لم تتطرق إليه الدراسات الجامعية في رسائلها المتعددة ، لاسيما تلك الدراسات التي تناولت موضوعات تتعلق بسلاجقة الروم والامارات التركمانية التي قامت حولها في آسيا الصغرى فمعظم الدراسات ركزت على العلاقات السياسية والحوادث الحربية التي عاصرت دولة سلاجقة الروم، ولعل في ايراد أسماء هذه الرسائل الجامعية ما يوضح جدة موضوع هذا البحث ، وهذه الرسائل هي :
1- زبيدة محمد عطا : الشرق الاسلامي والدولة البيزنطية زمن الأيوبيين. رسالة ماجستير ، جامعة القاهرة ، كلية الآداب ، 1968م. ركزت فيها الباحثة على العلاقات بين الدولة البيزنطية والدول الاسلامية في فترة الدولة الايوبية بما فيها الحديث عن علاقة البيزنطيين مع سلاجقة الروم.
2 عبد المجيد أبو الفتوح بدوي : العلاقات بين سلاجقة آسيا الصغرى والدولة الايوبية ، رسالة ماجيستير ، كلية دار العلوم ، جامعة القاهرة ، 1395هـ / 1975م. وهي رسالة تلقي الضوء كذلك على العلاقات السياسية بين سلاحقة الروم والايوبيين .
-3- فرج عبد العزيز محمد العلاقات بين سلاجقة الروم والصليبيين (1097-1302م) ماجيستير ، جامعة القاهرة ، كلية الآداب ، 1979م. وهي تبحث في العلاقات السياسية بين سلاحقة الروم وبين الصليبيين منذ تأسيس أولى الامارات الصليبية في الشرق . -4- أحمد توني عبد اللطيف : الحياة السياسية ومظاهر الحضارة في دولة سلاجقة الروم ، رسالة دكتوراه .جامعة المنيا ، 1406هـ / 1986م ، ومن الرسائل الهامة التي تناولت دراسة الحياة السياسية لدولة سلاجقة الروم ، وألقت الضوء على مظاهر الحضارة فيها فقد قسم الباحث الرسالة الى ابعد ابواب الابواب الثلاثة الأولى عالج فيها الباحث سياسة دولة سلاجقة الروم الداخلية (الاحداث الداخلية والخارجية (علاقاتها مع الدول المجاورة الاسلامية والاجنبية أما الباب الرابع فقد عالج فيه مظاهر الحضارة في دولة سلاجقة الروم من ناحية نظم الحكم والحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بصفة عامة وعلى مستوى الدولة بأكملها وموضوع بحثي قونية عاصمة سلطنة سلاجقية الروم يتميز عن رسالة أحمد توبني عبد اللطيف بخصوصيته فهو ينصب على مدينة قونية عاصمة السلطنة دون غيرها من المدن السلجوقية الأخرى ويهتم بحتي بدراسة قونية السلجوقية من جميع النواحي الجغرافية والمناخية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمعمارية والفنية .
- ابراهيم محمد بن سلطان الخضر : العلاقات السياسية الخارجية بين سلاجقة الروم والقوى الاسلامية المجاورة ، رسالة ماجستير ، جامعة الامام محمد بن مسعود ، كلية العلوم الاجتماعية 1408هـ / 1088 مولقد تناول الباحث علاقة سلاجقة الروم مع سلاجقة ايران والعراق ، ومع سلاجقة الشام ، ومع الزنكيين، ومع الدانشمنديين ومع بني منكوجك وبني سلدق وأخيرا مع الايوبيين . -6- علي بن صالح بن عبد الحميد : الدانشمنديون وعلاقاتهم السياسية بالقوى المعاصرة ، رسالة دكتوراه ، جامعة الامام محمد بن مسعود ، كلية العلوم الاجتماعية 1412هـ / 1992م. تناول الباحث في هذه الرسالة دراسة الامارة الدانشمندية من حيث اصل الدانشمنديين وبداية ظهورهم وأقسام إماراتهم في سيواس وملطية ، ثم علاقاتهم السياسية مع القوى الاسلامية المعاصرة كسلاجقة الروم والزنكيين والامارات المستقلة داخل اسيا الصغرى والاراتقة ، ثم علاقتهم بالقوى الفرنجية وأخيرا بالقوى البيزنطية . وهكذا يتضح من هذا العرض ان جميع هذه الدراسات - ماعدا بحث أحمد توني عبد اللطيف - - انحصر اهتمامها في دراسة العلاقات السياسية لدولة سلاجقة الروم وغيرها من الامارات التركمانية التي قامت في آسيا الصغرى في القرن الخامس الهجري ، الحادي عشر الميلادي مع غيرها من القوى المجاورة . ومن الأهمية ان نشير الى ان تلك الدراسات في مجلملها تفتقر الى تويح نقطة هامة تهمنا نحن المسلمين عامة ، وتهم الدارسين للتاريخ الاسلامي بصفة خاصة ، وهي الوقوف على مدى اسهام تلك الدولة في نشر الاسلام والعمل على ارساء دعائم الشريعة الاسلامية في آسيا الصغرى التي ظلت يونانية الطابع نصرانية الديانة حتى أواخر القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي ، وبالتالي تحويلها الى دولة اسلامية الديانة والحضارة وهذا يوضح بالطبع صعوبة الجهود التي بذلها سلاجقة الروم لتحقيق تلك المهمة، خاصة وأنهم حكموا تلك البلاد في عصر شهد فيه العالم الاسلامي أسوأ الهجمات الغازية سواء كانت هجمات صليبية نصرانية حاقدة أم هجمات مغولية وثنية متبريرة . ويكفي سلاحقة الروم فخرا انهم تمكنوا من فتح آسيا الصغرى (بلاد الروم) التي استعصى فتحها على من سبقهم من المسلمين ، واخضعوها للحكم الاسلامي الذي انطلقت توجيهاته من العاصمة قونية ، والتي اصبحت في عهدهم منارة للاسلام ومركزا لاشعاعه . واكتسبت قونية بفضل الحكم الاسلامي السلجوقي الاهمية الكبرى التي جعلتها تبلغ اوج مجدها في عهد السلاجقة ، وصارت تنافس مثيلاتها من عواصم الدول الاسلامية في ذلك العصر . هذا ومن المعروف ان كتابة تاريخ البلدان علم اسلامي النشأة ، نشأ هذا العلم لما لهاتين المدينتين المقدستين من مكانة قلوبهم وفي قلوب المسلمين عامة .
وتواصلت الكتابة عن تواريخ العواصم الاسلامية - عبر العصور - فكتب عن بغداد ، ودمشق ، وحلب، والكوفة ، والبصرة ، وبيت المقدس ، والفسفاط ، والقاهرة ، وفاس ، وقرطبة ، وبخاري وغيرها وهو كثير طبع بعضه ، وظل معظمه مخطوطا حتى الآن وهو ما إطلعنا عليه في المكتبات والمتاحف ودور الأرشيف في مدينة قونية. وعليه كان التوجه نحو اختيار موضوع المظاهر الحضارية في قونية عاصمة سلطنة سلاجقة الروم. غير انه من الملاحظ أن مدينة قونية في عصر سلاجقة الروم ، وهو أزهى عصورها ، لم تنل حتى الآن اهتماما من المؤرخين المسلمين المحدثين لدراستها تاريخيا وحضاريا على الرغم من أهميتها كعاصمة اسلامية لا تقل عن مثيلاتها من عواصم العالم الاسلامي في العصور الوسطى ، فضلا عن دورها الكبير في التحول الجذري لآسيا الصغرى (بلاد الروم من بلاد نصرانية العقيدة ، يونانية الحضارة ، إلى بلاد اسلامية اسهمت اسهاما في بناء الحضارة الاسلامية وفي تطويرها بدءا من قيام سلطنة سلاجقة الروم بها. . وقد كان هذا هو السبب الرئيسي في اتجاهي الى اختيار هذا الموضوع وعليه فإن دراستي عن مدينة قونية في عصر ملاحقة الروم تهدف الى ابرازها كمدينة اسلامية وعاصمة سياسية وحضارية بما كان بتوافر لها من الملامح الاساسية الواجب توافرها في المدينة الإسلامية في العصور الوسطى من ناحية وما كانت تحفل به من مظاهر الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والفنية من ناحية أخرى ، فضلا عن دورها في نشر الإسلام والثقافة الإسلامية في آسيا الصغرى (بلاد الروم).
وتكمن صعوبة البحث في موضوع قونية كعاصمة لسلطنة سلاجقة الروم من النواحي التاريخية والحضارية في ندرة ماكتب عنها في المصادر والمراجع العربية ، بالاضافة الى ان ما كتب عن اسيا الصغرى عامة قليل ونادر . وما كتب عن تاريخ السلاجقة في آسيا الصغرى في المراجع الأوروبية يتطلب الدقة من الناحية الادبية، هذا ومن المؤسف له ان المؤرخين الاتراك المحدثين الذين كتبوا عن مدينة قونية وعن سلطنة سلاجقة الروم يحرصون على الايحاء في كتاباتهم بالتفاخر بالقومية التركية ، وابراز النجاح الذي حققه سلاجقة الروم في اسيا الصغرى على انه انتصار للعنصر التركي ، وقد غفل اولئك المؤرخون ان الحضارة التي انتشرت في ذلك الاقليم والتي كانت سببا لتقدمه ورقيه انما هي حضارة اسلامية بحتة تكاتف على ازدهارها شعوب اسلامية تركية وغير تركية ولكن اعداء الاسلام دأبوا على طعن الثقافة الإسلامية بما استحدثواد من مبادئ منحرفة استطاعت التغلغل في نفوس وافكار بعض المفكرين المسلمين الذين خدعوا بمظاهرها البراقة ، ولم يلتفتوا إلى أهدافها الهدامة فكانت " القومية" و" العلمانية" ومن اشد تلك الافكار المنحرفة تأثيرا في كتابات معظم المؤرخين الاتراك . لذا كان من الصعب الاخذ بتلك الآراء دون تمحيصها والتوفيق بينها وبين مبادئ الشريعة الاسلامية خاصة وان البحث يستند بالدرجة الاولى الى ابراز المقومات والاسس الاسلامية التي يرجع إليها الفضل في ازدهار قونية كعاصمة اسلامية لسلطنة سلاجقة الروم ، هذا من ناحية أما الصعوبات الأخرى فهي ذاتية تتعلق بعدم التمكن من اللغات الشرقية ( الفارسية والتركية ) بحيث توجد العديد من المؤلفات بهاتين اللغتين كانت ستفيد البحث إفادة قيمة مع التذكير أنني حصلت على على ترجمة للبعض منها من طرف بعض الأساتذة والطلبة الجزائريين والأتراك المتواجدين في كل من أنقرة، إسطنبول وقونية . ينطلق البحث من الإشكالية التالية : كيف ساهم ظهور قونية كعاصمة في آسيا الصغرى في تغيير صورة الدول؟ وكيف استطاعت تغيير ذهنية المجتمع والدفع بحركة التطور الإقتصادي ؟ هل كان لنشأة قونية علاقة بإحياء حركة التجارة أم بالاحتكاك بالبيزنطيين وغيرهم ؟ وهل للموقع الجغرافي دور أساسي في نشأتها ؟ وهل ساهمت في الحفاظ على النسيج الاجتماعي ؟ وما هي الملامح الأساسية في فترة نشأتها وتطورها ؟ مادى التأثير والتأثر بينها وبين مثيلاتها من العواصم التاريخية ؟ الحدود الزمانية والمكانية
الجزء الجنوبي الأوسط من آسيا الصغرى من تأسيس المدينة واتخاذها عاصمة سنة 490هـ / 1097م إلى غاية القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي ( 707هـ/1307م ) وهو تاريخ السقوط.
صعوبات البحث
إن صعوبات البحث لا تتعلق بمناخ العمل فحسب ولكن لها علاقة أيضا بطبيعة الموضوع والمادة . العلمية التي تتحكم في صياغة إشكالياته فإشكالية المدن في آسيا الوسطى في العصور الوسطى ليست إشكالية تاريخ حضري وإنما تاريخ عام لدولة سلاجقة الروم مرتكز بشكل خاص على المدن بنظرة من المدن. إضافة إلى ذلك إختلاف التقديرات وتضارب الروايات الذي يميز مصادر ووثائق الفترة المدروسة التي وجدنا صعوبة في جمعها بسبب نقصها لبعد الفترة الزمنية المدروسة ثم إن عدم الإهتمام بالتاريخ الآسيوي في الفترة الوسيطية إنعكس على نوعية الكتب المتواجدة سواء المترجمة أو حتى بلغتها الأصلية وحتى الوثائق التي وصلنا إليها وكان إستخدامها بلغتها بعد ترجمتها ومحاولة تركيب المعلومات ومقارنتها بما هو موجود في المراجع.
منهجية البحث إعتدما في إنجاز هذا البحث والنهل من المصادر والمراجع على المنهج التاريخي المرتكز على التحقق من صحة الأحداث والروايات التاريخية وتحليلها وإعتماد النقد والمقارنة بين مختلف الآراء وإعتماد السرد الذي تتطلبه الكتابة التاريخية لأنه يضمن التسلسل التاريخي للأحداث والتفاصيل التي تصنع مجتمعة هيكل الحادثة التاريخية. هيكل البحث (الخطة ) لقد تم إنجاز هذا البحث وفق الخطة التالية : مقدمة ضمناها إشكالية الموضوع، ومجموعة التساؤلات ودوافع الإختيار وكذا الصعوبات التي واجهت العمل مع الإشارة إلى الدراسات السابقة والمنهجية المعتمدة . وجاء هذا البحث في مدخل وخمسة فصول حيث : فالمدخل عبارة عن دراسة تاريخية لأهم العوامل التي ساعدت على قيام سلطنة سلاجقة الروم وذلك بالحديث عن ضعف البيزنطيين ، والمحاولات التي قامت في عهد السلاحقة العظام والتي كانت الاساس الذي ارتكزت عليه عملية الفتح الكبرى التي قادها سليمان بن قتلمش. والتي مكنته من التوغل في الاراضي البيزنطية والتمركز في عمقها بعد فتحه لقونيه ونيقية ، ثم ما قام به خلفاؤه من جهود مكنتهم من تأسيس السلطنة بصفة رسمية حتى اتخاذهم قونية عاصمة لها ثم الفصل الأول بعنوان " الملامح الأساسية لمدينة قونية ، فيه عرض الاحوال قونية في العصور السابقة للعصر السلجوقي ، كما يتضمن إبراز لأهم المزايا التي تمتعت بها قونية السلجوقية من ناحية أهمية الموقع ، والبيئة الجغرافية ، واحوال المناخ الذي ناسب الاقوام التركية المشابهته المناخ مناطقهم الأولى في سهول آسيا الوسطى الرعوية . هذا إضافة إلى إحتواء الفصل على توضيح لأهم الملامح الأساسية التي توافرت في قونية باعتبارها أحد مدن العصور الوسطى الاسلامية ، وهي وجود الساحة الداخلية والتي يقوم فيها الجامع والقلعة والقصر ، وتقسيم المدينة الى باطن وظاهر (وسط المدينة وخارجها، ووجود منطقة الاسواق ، ومنطقة السكن ، ثم الاسوار والقلاع التي تحميها من هجمات الاعداء وخطر السيول . وبعهدها الفصل الثاني بمسمى وعنوانه " الحياة الاجتماعية بقونية عاصمة سلطنة سلاجقة الروم فهو يحتوي على توضيح لأهم عناصر السكان الذين عاشوا في قونية خلال الحكم السلجوقي سواء كانت عناصر محلية مستوطنة أم عناصر أخرى وافدة ، ومدى تأثير تلك العناصر على مختلف أوجه الحياة بها . كذلك يحتوي الفصل على تقسيم لأهم طبقات وطوائف المجتمع القونوي السلجوقي والتي أسهمت في صبغ العاصمة قونية بالمظاهر الاجتماعية التي كان يمارسها أهل قونية كالاحتفالات ، والعادات الاجتماعية ، والمأكل والمشرب والملبس. ثم الفصل الثالث بعنوان الحياة الاقتصادية في مدينة قونية عاصمة سلطنة سلاجقة الروم " تحدثت عن سوء الاحوال الاقتصادية بآسيا الصغرى في العصر البيزنطي ، وعن أهم عوامل ازدهار الحياة الاقتصادية في سلطنة سلاجقة الروم ، والتي كان من اهمها تطبيق النظام المالي الاسلامي ، شأنها في ذلك شأن بقية الدول الاسلامية السابقة والمعاصرة ، ثم التزامها بسياسة العدل والتسامح وحسن معاملة أهل الذمة .
كما يتضح في هذا الفصل دور النظام الاقطاعي والاوقاف في ازدهار الحياة الاقتصادية بالسلطنة واثر ذلك على العاصمة قونية ويحتوي الفصل كذلك على عرض لاهم الانشطة الاقتصادية بقونية في عصر سلاجقة الروم ، سواء من ناحية النشاط الزراعي والثروة الحيوانية والذي ساعد على ازدهاره مصادر المياه التي توافرت القونية ، وكثرة المراعي المنتشرة حولها ، أو النشاط الصناعي الذي ساعد على انتعاشه توافر المواد الخام والايدي العاملة ، ثم النشاط التجاري الذي ساعد على تقدمه اهتمام سلاجقة الروم بطرق القوافل وانشاء الخانات على طول الطرق التي يمر بها، وفتح موانيء جديدة لخدمة حركة التجارة الخارجية عبر البحر الابيض والبحر الاسود ، ثم ختمت هذا الفصل بالحديث عن العملة في سلطنة سلاجقة الروم والتي حصلت فيها على بعض صور العملات التي كانت متداولة وهي محفوظة في متحف مولانا جلال الدين الرومي بقونية ولكن للأسف ضاعت مني . ثم الفصل الرابع بعنوان إنتشار الاسلام بسلطنة سلاجقة الروم والحياة الدينية والعلمية في قونية خاصة" ، فقد تحدثت فيه عن ابرز عوامل انتشار الاسلام في آسيا الصغرى ، ويأتي في مقدمة تلك العوامل التسامح والعدل الذي أمر به الشرع الاسلامي في معاملة أهل الذمة ، وجهود سلاطين سلاجقة الروم وحرصهم على نشر الاسلام على المذهب السني وتشييدهم للمدارس في سبيل تحقيق هذا الهداف ، كما تحدثت عن دور المؤسسات الدينية في نشر الاسلام بآسيا الصغرى، ودور العلماء والصوفية في هذا المجال ، وتم كذلك توضيح لدور أولئك العلماء المسلمين المتخصصين في الدراسات الشرعية ، واللغوية والادبية والانسانية ، والعلمية ، ولدور شيوخ الصوفية في انعاش الحياة الثقافية والدينية بمدينة قونية بتدريسهم للعلوم الاسلامية المختلفة في المدارس والخالقوات والزوايا ، وبما ألقوه من كتب ورسائل، وفي الفصل أيضا توضيح لازدهار اللغات العربية والفارسية والتركية وأثرها على الحياة العامة في قونية.
وأخيرا الفصل الخامس بعنوان العمائر والفنون الاسلامية بمدينة قونية في عهد سلاجقة الروم" خصائص عمارة سلاجقة الروم والتي أملتها ظروف المناخ ووفرة المواد الخام والتأثيرات المجاورة ، ثم انتقلت الى عرض شامل ومفصل لأهم المنشآت المعمارية في قونية بالحديث عن مؤسس كل منها وتاريخ انشائها ووصفها المعماري والفني ، سواء كانت تلك المنشآت دينية كالجوامع والمساجد والمدارس والخانقوات ، أم منشآت مدنية كالقصور وصهاريج المياه والاسبلة والعيون وقنوات المياه والجسور والحمامات والبيمارستانات (دور الشفاء)، أم منشآت عسكرية كالقلاع والاسوار والابواب ، أم عمائر تجارية كالخانات
كذلك يحتوي هذا الفصل على استعراض لاهم الفنون الاسلامية التي كانت تزخر بهاق ونية والتي كان من اهم عوامل ازدهارها وجود المواد الخام اللازمة والايدي الفنية التي انتجت فنا متميزا مما جعل قونية العاصمة تبدو وكأنها درة وسط التاج السلجوقي . وفي الخاتمة تحدثت عن اهم النتائح التي توصلت إليها من خلال دراستي لها تاريخيا وحضاريا . وما استشعرته من نقاط تتطلب من الباحثين والدارسين بذل المزيد من الجهود والبحث والتمحيص وارج وان أكون قد قدمت بذلك صورة واضحة عن مدينة قونية الاسلامية عاصمة سلطنة سلاجقة الروم واتيع ذلك قائمة من الملاحق الهامة التي عززت البحث . وقد إعتمدت في ثنايا البحث على مجموعة كبيرة من المصادر والمراجع نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : يلاحظ على معظم المصادر العربية اغفال الحديث عن النواحي الحضارية لدولة سلاجقة الروم ، بل يلاحظ أيضا إغفالها بعض الاحداث السياسية الهامة التي وقعت في عهد سلاجقة الروم. من ذلك الحديث عن معركة ميريوكيفالوم التي وقعت بين سلاجقة الروم والبيزنطيين سنة 572هـ/1176م، وهي المعركة التي لا تقل في نتائجها أهمية عن معركة ما نزيكرت التي وقعت سنة 463هـ / 1071م بل ربما تعدتها في الأهمية لانها حدثت في عمق الأراضي السلجوقية بأسيا الصغرى في وقت كانت فيه القوى الإسلامية مهددة من جانب الحملات الصليبية ، أما فيما يختص أهم المصادر العربية التي أقدت منها في البحث فهي :-
ابن خرداذبة (ت) سنة (300هـ) وكتابه " المسالك والممالك" أمدني بمعلومات كانت أول اشارة إلى سلوك المسلمين الأوائل تجارا ومجاهدين الطريق السلامة الذي كان يمر بمدينة قونية وكان ينتهي إلى القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية ، كما أورد خرداذبة تقسيما الأعمال آسيا الصغرى في العهد البيزنطي. الادريسي : ( ت سنة 560هـ / 1165م) وكتابه " نزهة المشتاق في اختراق الآفاق " . أفدت من المجلد الثاني لهذا الكتاب في معرفة التقسيمات الادارية الأسيا الصغرى ، وفي معرفة الطرق الرئيسية التي كانت تمر بقونية في العصور الوسطى وتقدير المساقات بينها وبين المدن الأخرى التي تنتهي اليها الطرق سواء بآسيا الصغرى أم ببلاد الشام ، كما أفدت منه في التعرف على طرق التجارة التي اسهمت في انتعاش قونية اقتصاديا . ابن الأثير (630هـ / 1232م) و "كتابه الكامل في التاريخ " : تحدث ابن الأثير في هذا الكتاب عن سلاجقة الروم والاحداث التي وقعت في عهدهم والعلاقات بينهم وبين غيرهم من الدول الاسلامية . هذا وقد سبقني في التعرف على ذلك من قام بالبحث عن أحوال الدولة السياسية ، والذين أفدت من أبحاثهم ومراجعهم في ثنايا البحث ولقد أفدت من المعلومات التي وردت في الجزء الرابع من " الكامل في التاريخ " من حيث ذكره الارتياد المجاهدين الدرب السلامة المؤدي الى القسطنطينية ، وفي جزئه الثاني عشر بما أورده عن معرفة سلاجقة الروم واجدادهم لعلم النجوم ، كما أفدت من انتقاده لهم في كتابه الباهر في الدولة الاتابكية ، وان كانت المعلومات التي أوردها بهذا الشأن لا تعدو كونها سطورا في بعض الصفحات زكريا القزويني (ت سنة 682هـ / 1283م) وكتابه " آثار البلاد وأخبار العباد " هو أول المصادر العربية التي تكلمت عن الاحوال المناخية في بلاد سلاجقة الروم وقد أفدت من ذلك في التعرف على مناخ المنطقة ، وربما يكون ابن فضل الله العمري قد أخذ عنه ذلك وعن أصحاب كتب الطبقات التي اقدت منها في التعرف على علماء قونية الذين أثروا حياتها الدينية والعلمية والادبية ، يأتي في مقدمتهم: ابن خلكان : (ت) سنة 681هـ / 1282م) وكتابه " وفيات الاعيان وأبناء أبناء الزمان
السبكي (ت سنة 771هـ / 1370م) وكتابه " طبقات الشافعية الكبرى " . ابن أبي الوفاء القرشي الحنفي ( 775 هـ / 1374م) وكتابه " الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية". ابن القفطي ( ت سنة 668 هـ / 1269م) وكتابه " الانباء في طبقات الاطباء " ابن فضل الله العمري (ت) سنة 749 هـ / 1348م) وموسوعته " مسالك الابصار في ممالك الامصار " فقد تحدث في الجزء الخاص بسلاجقة الروم عن بلادهم ومناخها وخياتها ، وافدت منه كثيرا خاصة فيما كتبه عن النواحي الاقتصادية ببلاد سلاجقة الروم عامة وقونية خاصة ، لاسيما الثروة الزراعية والحيوانية ، كما أوضح ابن فضل الله العمري وفرة الانتاج ورخص الاسعار في هذه البلاد وعرضها بطريقة لم يسبقه اليها أحد من المؤرخين السابقين كما ألقى الضوء على النواحي الاجتماعية لمدينة قونية. ويبدو أن القلقشندي (ت 821 هـ / 1418م) في كتابه " صبح الأعشى في صناعة الانشا " قد أخذ عنه الكثير فيما يختص بالحديث عن هذه النواحي في سلطنة سلاحة الروم ، بل تجده ينق عنه حرفيا في بعض الاحاديث . ابن بطوطة : ( ت سنة 779 هـ / 1377م) وكتابه " رحلة ابن بطوطة أو تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب الاسفار " والذي تحدث فيه رحلته التي قام بها في الربع الأول من القرن الثامن الهجري والتي زار فيها معظم بلاد العالم المعروفة في عصره في افريقية وآسيا وجزءا من قارة أوروبا ، وقد أفدت مما تحدث عنه خلال رحلته عما رآه في آسيا الصغرى من عادات وتقاليد اجتماعية ، وما استحسنه من خيراتها ، وكان يصف كل مدينة من مدن بلاد سلاحقة الروم التي مر بها وما تتميز به من مظاهر دينية واجتماعية ومميزات اقتصادية ، وقد أفدت مما أورده عن قونية بصفة خاصة. العيني (ت) سنة 855 هـ / 1451م) وكتابه " عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان " الاقسام التي حققها محمد محمد أمين عن السوات (648) - 664 هـ / 1250 - 1265 م ) و ( 665 - 688 هـ / 1266 - 1289م) وقد أفدت من هذا الكتاب في التعرف على بعض الاحوال التي سادت سلطنة سلاجقة الروم خاصة وقت الحماية المغولية ، فافدت مما ذكره عن موقف أهل قونية من الغزو المغولي وتكاتفهم لمواجهته ، وكذلك تعرفت من خلال كتاباته عن شخصية البراوناه ودوره في صنع الاحداث في عصره ، وأفدت من نقده للطرق الصوفية وما ابتدعته من افكار اضلت بها العباد في سلطنة سلاجقة الروم في ذلك العصر وربما يكون القرماني (ت 1019 هـ / 1610م) في كتابه " أخبار الدول وآثار الأول " قد أخذ عن ابن خلدون نفس الاسلوب في التصنيف ، فهو يعرض سلاطين سلاجقة الروم تباع ويعرض لأهم أعمالهم في ذقة وتركيز وأفدت من ذلك العرض في معرفة شخصياتهم وأهم أعمالهم التي كان له أثرها في سياستهم وحكمهم لسلطنة سلاجقة الروم ، وخاصة السلطان علاء الدين كيقباد الأول. هذا بالاضافة الى كتب التاريخ الاسلامي التي تحدثت عن بلاد الشام مثل ابن القلانسي ذيل تاريخ دمشق ، ابن العديم : زبدة الحلب في تاريخ حلب ، وتاريخ الانطاكي وقد أفادت هذه الكتب البحث خاصة فيما يتعلق بنشاط سليمان بن قتلمش في تأسيس سلطنة سلاجقة الروم .
ثانيا : المصادر الفارسية أما أهم المصادر الفارسية التي اعتمد عليها البحث فهي : ابن بيبي وكتابه : " الأوامر العلائية في الأمور العلائية : ويعتبر ابن بيبي الموفي سنة 680 هـ/ 1281 م اهم من كتب عن تاريخ سلاجقة الروم بآسيا الصغرى ، فهو من المعاصرين لفترة غير قصيرة من تاريخ سلاجقة الروم شهد فيها الحوادث بنفسه وقام بتسجيلها . وهذا الكتاب سماه ابن بيبي باسم السلطان السلجوقي في آسيا الصغرى علاء الدين كيقباد (616) - 634) هـ / 1219 - (1236م) ، ويعرف أيضا باسم ( سلجوقنامة) وقد استخدمت في البحث اسم " سلجوقنامة". ومحتويات الكتاب تتعلق بتاريخ السلاطين السلاجقة في أسيا ويشتمل على الحوادث التاريخية للفترة من بداية حكم السلطان غياث الدين كيخسرو الأول من عام 588 هـ / 1192 م الى عام 679 هـ / 1280 م ايان حكم السلطان غياث الدين كيخسرو الثالث .. وكان منهجه في كتابه هذا دراسة تاريخ الدولة من خلال شخصية سلاطينها ، اذ عرض فيه الأبرز الحوادث التي تمت خلال حكمهم ، ويتحدث بنوع من التفصيل عن الغزو المعولي ضد أراضي السلطنة السلجوقية . كما أعطانا ابن بيبي في كتابه صورة عن الحياة الثقافية في دولة سلاجقة الروم حيث كان أحد مثقفيها ، وكتاباته تعتبر مرآة للأدب السلجوقي . وللكتاب أهمية تاريخية كبرى أفادتني في النواحي الحضارية لأنه يرسم لنا صورة للمجتمع التركي في القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي ، فيورد الوصف التفصيلي الهام الحفلات بلاط السلطان واستقبالات السفراء والحياة اليومية . كما اشار ابن بيبي إلى بعض الوظائف الهامة بالدولة كالوزير وملك الامراء والمستوفي وديوان القصر وديوان الطغراء .. ويقول هو تسما عن أسلوب ابن بيبي : " أنه كان يحاول بايراده للنصائح الحكيمة على لسان قليج أرسلان الثاني الذي توفي في بداية كتابه وتكرارها أن يتبع أسلوب الكثير من الكتاب الذين يرون أن فائدة التاريخ تكمن في التعلم من دروس الماضي ".
وكتاب " المختصر " أو " مختصر سلجوقنامة" هو مختصر لكتاب الأوامر العلالية لابن بيبي ، وقد إختصره رجل غير معروف ، وحق الكتاب وطبعه م . هـ هو تسما ، ثم أعاد نشره الاستاذ محمد جواد مشكور. واعتمدت في البحث على الكتابين معا " سلجوقنامة " و " ومختصر سلجوقنامة " : فكتاب مختصر سلجوقنامة المطبوع مزود بمقدمة أفادتني في دراسة حياة واسلوب المؤلف ، و ملحق به فهرست سهل على عملية تقصي المعلومات اللازمة لخدمة البحث خاصة في التعرف على التراجم المتصلة بموضوع البحث . الا ان اغفال " مختصر سلجوقنامة " بعض التفاصيل التي تخدم بعض النواحي الحضارية المهمة في البحث اضطرني للرجوع أيضا الى الكتاب الأصلي " سلجوقنامة " الذي أفادني الاطلاع عليه كثيرا في خدمة جوانب متعددة في البحث . الافسرائي وكتابه " مسامرة الاخبار ومسايرة الاخيار " الذي يلي كتاب ابن بيبي في الاهمية بالنسبة التاريخ سلاجقة الروم . وقد عاش الاقسرائي في الفترة التي تمتد من أواخر القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي الى اوائل القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادي ، فهو معاصر للفترة المتأخرة من تاريخ سلاجقة الروم. وربما كان هذا هو السبب في ان كتابه والذي يتكون من اربعة أقسام يتضمن في القسم الاخير منه أخبار سلاجقة الروم المتأخرين بعد الغزو المغولي لبلادهم والتي عاصرها ، وقد أسهب الافسرائي في سردها لدرجة أنها تأخذ من حيث الحجم ثلثي الكتاب وما يعرف عن الأفسرالي أنه كان من موظفي الديوان السلجوقي ، ويشير كتابه إلى أنه تلقى تعليما جيدا من العلوم الاسلامية والادب العربي والفارسي علاوة على ما كان يتمتع به من ملكات أدبية . ونظرا لتعيينه في ادارة الخزينة الأيلخانية عام 679 هـ / 1283 م فان كتاباته عن الاحوال المالية للسلطنة في تلك الفترة قد أعطت صورة واضحة للأحوال الاقتصادية السيئة التي عاشتها سلطنة سلاجقة الروم وعلى رأسها العاصمة قونية . ويتضح في الكتاب الضغوط المتزايدة على الدولة السلجوقية التي كانت موجودة تحت ادارة المغول والتصوير المؤلم لموقفها نتيجة للظلم والادارة السئة وكيف كان يتذكر الأقسرائي السنوات السابقة على أنها سنوات السعادة والرخاء . مصورا في كتابه الخيار الدولة التدريجي . كما أفادني الكتاب في ذكره لمعلومات قدمها الأقسرائي عن العلماء والموظفين والقضاة في عصره بشكل حسن . حمد الله المستوفي القزويني ( ت 750 هـ / 1349م) وكتابه " نزهة القلوب " ، خاصة القسم الجغرافي منه ، وهو من أحسن المصادر الفارسية التي أفادتني في التعرف على قونية ، فهو من الكتب الجغرافية الهامة التي تحدثت عن مدن آسيا الصغرى بشيء من التفصيل . ويبدو أن تولي حمد الله القزويني لمنصب المستوفي لسنين عديدة في عهد المغول بآسيا الصغرى جعله يضيف لعلمه الذي بين أيدينا تفاصيل عديدة لم تتوفر لدى غيره من مؤرخي سلاجقة الروم ، ففي كتاباته عن مدن آسيا الصغرى يورد تقريرا عن دخل كل مدينة . وقد أفاد هذا الكتاب في التعرف على محاصيلها الزراعية المتعددة ، إذ هو أحسن من كتب عن الزراعة في قونية في ذلك العصر . ثالثا : المصادر التركية : الافلاكي : وكتابه " مناقب العارفين " : هو شمس الدين أحمد أفلاكي تعلم العديد من علوم زمانه ، وخاصة علم الفلك ، وتحول في آسيا الصغرى في أواخر عهد الدولة السلجوقية ، فدخل قونية سنة 690 هـ / 1291 م وعمل هناك بالعطارة وعلم النجوم ، وتتلمذ على أيدي بعض المتصوفة وصحب عارف جلبي حفيد جلال الدين الرومي ، وكان كتابه مناقب العارفين يدور حول شيوخ المتصوفة وخاصة جلال الدين الرومي. وقد بدأ أفلاكي الكتاب وأتمه في عام واحد بأمر عازف جلبي وهو عام 718هـ/ 1318م وهو باللغة الفارسية. وتوفي بقونية عام 761 هـ / 1360 م . >> CLEMENT HUART وقد رجعت إلى النسخة الفرنسية بقلم كليمنت هیوارت والحقيقة أن هذا الكتاب من الكتب التي أفادت البحث كثيرا خاصة في النواحي الاجتماعية الاحتوائه العديد من صور الحياة الاجتماعية كالاحتفالات والعادات والمأكل والمشرب والملبس وغيرها مما كانت تزخر به مدينة قونية في عصر جلال الدين الرومي .
تاريخ ال سلجوق المؤرخ مجهول ANONIM : وهو أثر مجهول المؤلف ، ومكتوب باللغة الفارسية ، ويحوي معلومات غزيرة ومفصلة عن تاريخ سلاجقة الروم ، خاصة في الصف الثاني من القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي . وقد ترجم الكتاب الى اللغة العربية ونشره ) فريدون نافز اوزلق في كتابه " تاريخ دولة سلاجقة الاناضول " الجزء الثالث ، وهي النسخة التي اعتمدت عليها في البحث والمؤلف في هذا الكتاب يتحدث عن السلاجقة ابتداء من ذكر نسبهم وظهورهم وهجراتهم واستقرارهم في بلاد الشرق ، ويتحدث عن سلاطين السلاجقة وعن الخلفاء العباسيين المعاصرين لهم ، كذلك يتحدث عن شخصيات سلاطين سلاجقة الروم . وهو يتميز عن بقية المصادر المعاصرة في انه يشير إلى عهد سليمان بن قتلمش مؤسس الدولة السلجوقية وكيف تمكن من الاستيلاء على قونية ، وهو أول من أشار إلى أنها كانت المقر الأول لسليمان بن قتلمش وقد أفدت من هذا الكتاب في معرفة موقف أهالي قونية من الاحداث والازمات التي واجهوها .
رابعا : المراجع العربية والمعربة . وأما بالنسبة للمراجع العربية والمعربة التي أفادت البحث ، فيأتي في مقدمتها : رسالة الدكتوراه لأحمد توني عبد اللطيف عن الحياة السياسية ومظاهر الحضارة في دولة سلاجقة الروم . وهذه الرسالة - كما يتضح من عنوانها - تتحدث عن دولة سلاجقة الروم عامة سياسيا وحضاريا . فهي تحتوي على أربعة أبواب، خصص الباحث الابواب الثلاثة الأولى منها الدراسة الاحوال الداخلية في الدولة ، ثم لدراسة الاحوال السياسية الداخلية والخارجية ، وخصص الباب الرابع والاخير لأهم مظاهر الحضارة ، والتي كان من أهمها نظم الحكم والادارة التي استغرقت معظم صفحات هذا الباب. وقد أفدت مما جاء في هذه الرسالة عن مدينة قونية - وهو موضوع رسالتي - على الرغم من أنه لا يعدو بعض ورقات وفي النواحي السياسية أفدت أيضا من كتابي على محمد الغامدي " بلاد الشام قبل الغزو الصليبي و بلاد الشام قبيل الغزو المغولي ورسالة محمد ربيع المدخلي : " المشرق الاسلامي في عصر السلاحقة العظام أفدت منها في الحديث عن الحملات الاسلامية إلى اسيا الصغرى في عهد السلاجقة العظام.
زبيدة محمد عطا : الترك في العصور الوسطى ، في علاقة سلاجقة الروم مع الامارات التركمانية والبيزنطيين. كما أفدت من كتاب محمد فؤاد كوبريلي " قيام الدولة العثمانية" في معرفة بعض الاحوال الاجتماعية (خاصة عناصر السكان وكذلك معرفة بعض النواحي الدينية والاقتصادية التي سادت بلاد سلاجقة الروم قبل قيام الدولة العثمانية . کتاب هايد (V.HEYD) عن تاريخ التجارة في الشرق الأدنى في العصور الوسطى . أفاد في الحديث عن العلاقات التجارية بين السلطنة السلجوقية وبين المدن الايطالية في العصور الوسطى.
کتاب تمارا رايس بعنوان السلاجقة تاريخهم وحضارتهم ( وقد أفاد هذا الكتاب البحث في معظم جوانبه خاصة فيما يتعلق بالنواحي الفنية . أما بالنسبة للمراجع العربية والمعربة التي أفادت في تغطية معظم جوانب الفصل الخاص بالمنشآت المعمارية فيأتي في مقدمتها : كتاب زكي محمد حسن : " فنون الاسلام" وكتاب نعمت علام " فنون الشرق الأوسط في العصور الوسطى ". وكتاب أوقطاي أصلان آبا " فنون الترك وعمائرهم " وغيرهم . وهناك العديد من الابحاث العربية التي افادت موضوع البحث أهمها ما كتبه سليمان مظهر عن " قونية وقنون السلاجقة " وعن " المولوية" وعن " نصر الدين خوجة " وكلها موضوعات لها علاقة وثيقة بموضوع بحشي خاصة فيما يتعلق بالنواحي العلمية والدينية والفنية. وهذه الابحاث منشورة بمجلة العربي وهناك بحث عبد المجيد بدوي بعنوان " الاتحاد المذهبي عند سلاجقة الروم " المنشور بمجلة كلية الآداب جامعة المنصورة وقد أفاد في دراسة النواحي الدينية والاتجاهات المذهبية السائدة في العصر السلجوقي. وبحث حمزة طاهر : التصوف الشعبي في الأدب التركي " ، المنشور بمجلة كلية الآداب جامعة فؤاد الأول ، أفادني في القاء الضوء على دور التصوف في انتشار اللغة التركية من خلالا الأشعار الصوفية التي كانت تنظم بها .
وبحث على محمد الغامدي : " معركة ميريوكيفالوم المنشور في مجلة جامعة أم القرى ، أفادني في الحديث عن مقدمات المعركة ومجرباتها ونتائجها. خامسا - المراجع والابحاث التركية : وهناك العديد من المراجع التركية التي افادت البحث وأهمها : -1 ما كتبه المؤرخ التركي ابراهيم حقي قونيلي KONYALI" في كتابه « KONYA TARIHI » أو تاريخ قونية الذي أفدت IBRAHIM HAKKI منه في تغطية بعض الجوانب المهمة خاصة في تخطيط مدينة قونية .
وكذلك كتاب تونجر بايجرا « TUNCER BAYKARA » وعنوانه "TURKIYE SELGUKLULRI DEVRINDE KONY >>> -2 قونية في عهد سلاجقة تركيا ". وأفدت منه كذلك في معرفة الانشطة السكانية بقونية في العصر السلجوقي وغيرها من الجوانب خاصة فيما يتعلق بتخطيط المدينة وتقسيم أحيائها وشوارعها وسورها وأبوابها إذ أن هذا الكتاب كان مزودا بخرائط توضيحية اعتمدت عليها في البحث وأوردت بها ملحقا في آخر البحث .
-3 وكتاب للمؤرخ التركي « OSEMAN GETIN » عثمان جيتين وعنوانه <<< SELGUKLU MUSSESEL ERI VE ANADOLUDA: أو " المؤسسات السلجوقية وانتشار الاسلام ISLAMIYETIN YAYILISI <<< -3 في الاناضول " وقد أفدت من هذا الكتاب في تغطية عملية انتشار الاسلام في آسيا الصغرى ، خاصة وأنه يبدو من خلال كتابات عثمان جيتين OSEMAN GETIN » التوازن والواقعية ومحاولة إظهار الدور الحقيقي للتعاليم والانظمة الاسلامية في اهتداء الكثير من سكان آسيا الصغرى أو غلبة العنصر التركي، وهو يعتبر بحق أحسن من كتب عن انتشار الاسلام في آسيا الصغرى والعصور الوسطى (أو في العصر السلجوقي). 4- وهناك كتاب للمؤرخ التركي MEHMET ONDER (محمد أوندر) بعنوان : KONYA MAARIFI TARIHI » ) أو تاريخ المعرفة بقونية ) ، وقد أفدت منه في الحديث عن الناحية العلمية بقونية خاصة فيما يتعلق بأنشطة المدارس. وكتاب « ISMAIL GALIB » (اسماعيل غالب ) عن النقود السلجوقية وهو بعنوان -5 تقويم ( » TAKIVIMI MESKUKAT - I SELGUKIYYE « : المسكوكات المسلحوقية ) ، وقد أفادني في دراسة عملات سلاجقة الروم خاصة التي كانت تسك بمدينة قونية أما عن الابحاث التركية التي اعتمد عليها البحث فهي متعددة فقد أقدت من أبحاث للمؤرخ OSEMAN TURAN » عثمان (توران عن الأوقاف في العصر السلجوقي بعنوان : )1( ; )II) ; (III( العدد . » BELLETEN << SELGUK السلجوقية بعنوان وبحث آخر عن الخانات العدد BELLETEN وهو منشور أيضا في مجلة KURVANSARAYLARI <<< (37) أما ابحاث المؤرخ MEHMET ONDER (محمد أوندر) فهي متعددة منها بحث بعنوان : << MEVLANA MUZESINDE BULUNAN MEVLANA NIN ELBISELERIUZERINDE BIR ARASTIRMA >>> (ULSRARASI MEVLANA وهو منشور ضمن أبحاث ندوة بعنوان : SEMINR I والبحث عبارة عن دراسة حول ملابس جلال الدين الموجودة بتحفة بقونية ، وقد أفادت في القاء الضوء على ملابس المتصوفة الذين انتشروا بقونية وغرها من دول العالم الاسلامي في ذلك العصر.
د
الرابط
اضغط هنا
0 التعليقات :
إرسال تعليق