الجمعة، 21 يونيو 2024

للتحميل PDF | دور طريق الحرير في تنشيط العلاقات التجارية بين آسيا وأوروبا المسيحية خلال القرنين 7-8 هـ / 13-14م ، حسام صلاحي ، رسالة دكتوراه جامعة الجزائر 2021.

 للتحميل PDF | دور طريق الحرير في تنشيط العلاقات التجارية بين آسيا وأوروبا المسيحية خلال القرنين 7-8 هـ / 13-14م ، حسام صلاحي ، رسالة دكتوراه جامعة الجزائر 2021.

عدد الصفحات : 480 



نبذة عن الرسالة : 

التعريف بالموضوع، وأهميته تعتبر الطرق شريان الحياة عند الانسان ومحفزة لظاهرة التواصل الحضاري بين شعوب المعمورة منذ القدم حيث اكتسبت أهمية بالغة في تاريخ العلاقات الانسانية باعتبارها وسيلة للنقل وللتحرك ومنافذ للتعارف والاحتكاك بين هذه الشعوب، وهذه الطرق تفاوتت أهميتها وشهرتها وتباينت من حيث حركيتها وحيويتها وعادت بالنفع الغزير على أحوال الأصقاع التي تشقها. ومن بين هذه المسالك، برز طريق تميز بأبعاده الجغرافية والاقتصادية Les Routes de la Soie والثقافية، إنه طريق الحرير.











 

يحظى موضوع طريق الحرير باهتمام بالغ لدى الباحثين ومن ذلك يحتل مكانة خاصة في مجال الدراسات العلمية المتخصصة في تاريخ عالم آسيا من جهة وفي حقل العلاقات بين الشرق والغرب من جهة أخرى لما لهذا الطريق من دور ملحوظ وفعال في بعث الحركة التجارية محليا ودوليا إبان فترة العصور الوسطى. وما سجله من نشاط تجاري حثيث جسده تردد الأوروبيين على مسالكه وكذا حجم المنتوجات التي جرى تسويقها إلى عالم المتوسط، جعل من هذا الطريق أحد أهم الانجازات الاقتصادية التي أفرزتها جهود الانسان. وتأني دراسة هذا الموضوع في إطار السعي إلى المساهمة في إماطة اللثام عن إحدى حلقات النشاط الحضاري المشرقة لهذا الطريق والتي لم تنعكس آثاره على المحال التجاري فحسب بل امتدت إلى مجال علوم الجغرافية التي عرفت دائرتها ثراء ملحوظا لأن هذا الطريق لم يألفه التجار وحدهم بل سلكه غيرهم من الفاتحين . إغريق صينيون رومان مسلمون والرحالة والدبلوماسيين والمبعوثين والدعاة والمبشرين والمسافرين والمستكشفين. وعلى الرغم من قدم هذا الطريق إلا أن تسميته لم تظهر في أوساط الأوروبيين إلا في القرن التاسع عشر الميلادي، وعد هذا الطريق من أطول الطرق خلال العصريين القديم والوسيط، يمتد من الشرق الأقصى إلى الغرب الأوروبي مخترقا فياني وممرات الصين وآسيا الوسطى وإيران مارا بالعراق وآسيا الصغرى وصولا إلى سواحل المتوسط. 














وقد انعكس هذا الطريق ايجابا على الحركة التجارية الدولية التي ما فتئت تنمو وتزدهر وتنشط جسور العلاقة بين عالمي آسيا وأوروبا، فبرزت أهميته من الناحية البرية منذ القرن الأول قبل الميلاد وغدا بعدئذ أداة للتواصل بين الشرق الأقصى والغرب الأوروبي. لا يعتبر طريق الحرير مسلكا عاديا شبيها بالمسالك التقليدية التي حد دورها ونشاطها في الزمان والمكان، إنه لم ينشأ طفرة واحدة بل ارتسمت معالمه عبر فترات زمنية مختلفة وممدودة، تغيرت مساراته وفق تقلبات الأوضاع السياسية والعسكرية السائدة في البر الأسيوي، وكان ازدهاره وفتوره سمتين بارزتين له طوال وجوده وارتبط بتعاقب هاتين الظاهرتين أي الانتعاش والركود بمدى اهتمام القوى السياسية به واستعداداتها في سبيل توفير الأمن والاستقرار الضروريين له. وفي إطار هذا المسعى برز دور الأسرة الصينية هان Daynantie Han ( 206 ق.م. 220م) والإمبراطورية الرومانية ثم أسرة تانغ الصينية Dynantie Tang (618 - 907م) التي تزامنت مع )الدولتين الإسلامينين، الأموية (41-132هـ/662-750م) والعباسية (132-750/2656-1258م) فكان لتغير مقر العاصمة الإسلامية من دمشق إلى بغداد الأثر الكبير على تفعيل وازدهار العلاقات الاقتصادية الدولية والتي انعكست ايجابا على دور وحيوية طريق الحرير. وقد بلغ طريق الحرير ذروته في الحبوبة والازدهار في العهد المغولي إبان القرنيين 7 و 8هـ / 13 و 14م وذلك بعد أن فرضوا سلمهم وأمنهم على فضاء جغرافي شاسع امتد من المحيط الهادئ شرقا إلى سواحل المتوسط غربا. 












واستغل التجار الأوروبيون هذه الوضعية المريحة، منهم البنادقة والجنويون فمارسوا نشاطهم في كنف الحرية والطمأنينة وغدا طريق الحرير أحد أعمدة التجارة العالمية المربحة وقتذاك، غير أن الوهن الذي انتاب الكيان المغولي وما أعقبه من تفكك والخيار القوى المغولية منذ منتصف القرن 8هـ / 14م، جعلا هذا الطريق يتراجع ويفقد رواجه وبريقه الصالح الطريق البحري، والذي تعاظم النشاط في أرجائه، منطلقه السواحل الجنوبية لكل من الصين والهند فإيران ليمتد إلى بحر العرب والخليج العربي لينفذ إما إلى نهري دجلة والفرات وإما إلى باب المندب لينتهي مطاقه إلى البحر الأحمر، وأضحى هذا الطريق سبيلا لتسويق الحاصلات الشرقية الثمينة إلى أوروبا عبر طريق مصر وبلاد الشام، فكان لتطور هذه المسالك التجارية الجديدة في الواقع ضربة قاصمة ونكسة كبيرة لطريق الحرير. 












* وتتجلى أهمية هذه الدراسة في كونها تكشف عن تاريخ العلاقات الدولية في شقها الاقتصادي بحيث عرفت الفترات المتأخرة من العصور الوسطى ثورة تجارية حقيقة مست أماكن متعددة من العالم القديم (آسيا، إفريقيا وأوروبا)، إذ أصبح من اليسير انتقال المنتجات والحاصلات من قارة إلى أخرى بفضل تطور وحسن استغلال. أدوات النقل، وشكل طريق الحرير أحد أعمدتها، فتجارة أوروبا المسيحية التي تزعمتها الجمهوريات الإيطالية وعلى رأسهم البنادقة والجنوبين تركزت تجارتهم في أوروبا ثم توسعت إلى الحوض الشرقي والغربي للمتوسط، وبازدهار طريق الخرير اتسعت أفاق التجارة ولم تعد متمركزة في محيطها الإقليمي فحسب وإنما صبغت بالعالمية، بحيث وصلت صناعاتهم ومنتجاتهم إلى الشرق الأقصى كما جلبوا من هنالك سلع الشرق دون وساطة التجار المسلمين. 

















هذا ولم يشد الاقتصاد المغولي عن هذه القاعدة، فاقتصادهم تركز في بداياته على الرعي والصيد ثم تحول إلى اقتصاد معتمد على السلب والنهب بفعل غراتهم على مناطق شاسعة ثم تطور شيئا فشيئا إلى أن صار قائما على التجارة بفرعيها الداخلي والخارجي. وحتى المغول ولاسيما أولئك المتمركزون في الصين أموالا طائلة من التجارة الدولية، ساهم فيها طريق الحرير بنصيب وافر، فقد استغل في جميع المناحي، بما في ذلك جمع الضرائب وتزوديهم بالأخبار والمعلومات.











أسباب اختيار الموضوع : شجعني على حوض غمار هذا البحث على الرغم من غموضه وصعوبته وقلة المادة العلمية الكافية لنغطية الكثير من جزئياته وكلياته، جملة من الأسباب والدوافع، ألخصها في العناصر التالية: أولا: اهتمامي بالدراسات التاريخية الاقتصادية نظرا لأهميتها ومكانتها في الدراسات والأبحاث التاريخية المعاصرة وما من شك في أن هذا الشق من الدراسات، يتسم بالصعوبة في ظل نقص المادة التاريخية الكافية والتي تتطلب الرجوع إلى مصادر ومراجع مختلفة ومتعددة لتغطية بعض جوانبه، في حين تبقى فجوات أخرى بحاجة إلى الكشف عنها في ثنايا أمهات المصادر المتناثرة. ثانيا: الرغبة في البحث عن ظاهرة التواصل الحضاري الذي سرت معالمها بين الشعوب والقبائل خلال فترة العصور الوسطى، ويمثل طريق الحرير معبرا فعالا لهذا التفاعل الحضاري الذي مزج بين عدة ديانات وثقافات ولغات عبر مسافة تربو عن ثمانية ألاف كلم، ويفضل هذا الطريق، انتقلت المنتجات المختلفة والمتنوعة وكذا الثقافات من قارة إلى أخرى ومن قطر إلى آخر، وما انتقال أسماء ومصطلحات اقتصادية وثقافية من آسيا إلى أوروبا والعكس صحيح إلا دليل واضح على مدى التواصل الحضاري الذي جرى بين البلدان والأقاليم التي اخترقها هذا الطريق. ثالثا: ندرة الدراسات التي تحتم بطريق الحرير في رحاب الجامعات الجزائرية والعربية في حين أن الأبحاث المعاصرة في آسيا وأوروبا قطعت أشواطا معتبرة في هذا المجال، والملاحظ أن حل هذه الدراسات أغفلت بقصد أو دونه دور المسلمين عامة والعرب خاصة في بعث وتفعيل الدور الاقتصادي والحضاري الطريق الحرير وخاصة في مرحلة ازدهاره الأخيرة. ولما هذه الدراسة ستغطى بعض هذه الفجوات القائمة في هذا المضمار.




رابعا: الرغبة في إبراز دور المسلمين من تجار وحجيج ودعاة في إحياء وتفعيل المسالك التجارية البرية المشكلة الطريق الحرير، والذي تولد عنه تنافس محموم بين الدعاة المسلمين والمبشرين البوذيين والنصرانيين لجلب المغول إلى دينهم، فكان لنجاح دعاة المسلمين في مسعاهم داخل أعماق الكيان المغولي لدليل على خبرتهم بالمثالك البرية المتشابكة والمعقدة والتي تشكل مقاطع مهمة من هذا طريق. خامسا: حثني على تناول هذا الموضوع أيضا، التوق الشديد إلى المساهمة في إثراء المكتبة الجامعية والوطنية بمثل هذه الدراسات الثمينة والمفيدة والتي تؤدي لا محالة إلى تعزيز محال التراث الانساني العالمي.











إشكالية الموضوع : وعلى الرغم من الدراسات المختلفة التي انجزت حول طريق الحرير إلا أن أسراره وغوامضه ما زالت لم تكشف إلى اليوم، وعليه، فإن هذا الموضوع المراد دراسته، يتضمن إشكاليات متعددة بحكم طول وحجم وتشعب طريق الخرير البري واختراقه لمناطق وشعوب مختلفة في الدين واللغة والعرق والعادات والتقاليد، وتدخل عدة قوى في التعامل معه منها: القوى المغولية والصينية في الشرق، والمسلمون في الوسط، والقوى الأوروبية المسيحية في الغرب، فظلت مسألة ازدهار طريق الحرير محل شكوك بعض الباحثين في ظل غياب كتابات ووثائق تغطي كل أجزاء الطريق من بدايته إلى نهايته. هذه العوامل كلها، دفعت إلى جملة من التساؤلات تخص المراحل الأولى لبداية نشاطه والتي يسودوها غموض حلي في ظل غياب الوثائق والمصادر التي تغطي كل مراحل طريق الحرير، ويظل السؤال مطروحا حول سر المصاعب التي تلقاها سالكو هذا الطريق، وإذا صادقوا كل هذه العوائق فما دافع هؤلاء المسافرين من تجار ودعاة التحمل كل هذا الجهد؟، ولعل الإشكالية الجديرة بالطرح هي مدى المنافسة القائمة بين الطريقين البري والبحري إبان السيطرة المغولية؟. ومما يحتاج إلى الكشف عنه أيضا في هذا الموضوع، هو مدى تحقيق القوى الأوروبية (الكنيسة، التخار، المستكشفين أهدافهم من ذهابهم وارتيادهم الطريق الحريرتداولها بين القطبين المغولي (الصيني) والأوروبي؟ وما يحتاج إلى الكشف عنه أيضا هو مدى استطاعة الطرف الأوروتي افتكاك زمام الوساطة التجارية بين الشرق والغرب؟ ويتعلق الاستفهام أيضا حول الرحلات الأوروبية في فضاء طريق الحرير ودورها في تنمية علوم الجغرافية في أوروبا؟. ولعل أبرز الإشكاليات المطروحة هو علاقة اقتحام الغرب الأوروتي بحركة الكشوفات الجغرافية في العالم الجديد؟. ومما يحتاج إلى تبيانه دوافع اضمحلال هذا الطريق وما مدى تأثير أقوله على العلاقات الاقتصادية بين الشرق والغرب وتبقى الإشكالية مطروحة حول سر عدم تجسيد المبادرات الفردية والدولية لبعث طريق الحرير لمدة تجاوزت أكثر من سنة قرون ونصف إلى أن برزت مبادرة الصين إلى إحيائه ؟ وهذه التساؤلات تظل مطروحة وهي التي دفعتني إلى دراسة هذا الموضوع، نظرا لحساسيته وأهميته في تاريخ العلاقات بين آسيا وأوروبا.؟ وما يشد الانتباه إليه كذلك، هو حجم التجارة التي تم تداولها بين القطبين المغولي (الصيني) والأوروبي؟ وما يحتاج إلى الكشف عنه أيضا هو مدى استطاعة الطرف الأوروتي افتكاك زمام الوساطة التجارية بين الشرق والغرب؟ ويتعلق الاستفهام أيضا حول الرحلات الأوروبية في فضاء طريق الحرير ودورها في تنمية علوم الجغرافية في أوروبا؟. ولعل أبرز الإشكاليات المطروحة هو علاقة اقتحام الغرب الأوروتي بحركة الكشوفات الجغرافية في العالم الجديد؟. ومما يحتاج إلى تبيانه دوافع اضمحلال هذا الطريق وما مدى تأثير أقوله على العلاقات الاقتصادية بين الشرق والغرب وتبقى الإشكالية مطروحة حول سر عدم تجسيد المبادرات الفردية والدولية لبعث طريق الحرير لمدة تجاوزت أكثر من سنة قرون ونصف إلى أن برزت مبادرة الصين إلى إحيائه ؟ وهذه التساؤلات تظل مطروحة وهي التي دفعتني إلى دراسة هذا الموضوع، نظرا لحساسيته وأهميته في تاريخ العلاقات بين آسيا وأوروبا.


















خطة البحث : بني موضوع هذه الدراسة الذي يحمل عنوان : " دور طريق الحرير في تنشيط العلاقات التجارية بين آسيا وأوروبا المسيحية خلال القرنين 7 و 8هـ / 13 و 14م على أساس مقدمة، وأربعة فصول، وخاتمة مذيلة بمجموعة من الملاحق الموضحة للموضوع. 















يحمل الفضل الأول عنوان: « طريق الحرير ومراحل تطوره منذ بروزه إلى نهاية القرن 6هـ/12م »، تطرقت فيه إلى الإطار الجغرافي الطريق الحرير، فذكرت حل المحطات الهامة التي يخترقها، من نقطة انطلاقه بشنغان الصينية شرقا إلى دمشق غربا، مع تحديد المسافات بين كل محطة وأخرى، ثم عرفت مادة الحرير، مبينا مكانته عند الصينيين والمسلمين والأوروبيين، كما تناولت المحاولات الأولى لبعث الطرق البرية الرابطة بين شرق القارة الأسيوية وغربها إلى أن تم تشغيل طريق الخرير منذ القرن الأول قبل الميلاد أين عرف فيها ازدها را ملحوظا. ثم عرضت القوى السياسية الكبرى التي حرصت على إحيائه والحفاظ على ديناميكيته مع الإشارة إلى تغير مساره بين الفينة والأخرى، مع ذكر أهم المحطات التجارية التي حفرت الطريق على أداء مهامه، وختمت هذا الفصل بإبراز المشاكل والعوائق التي واجهت رواد طريق الحرير من بدايات تشغيله إلى نهاية القرن 6هـ/12م. 



















ويأتي الفصل الثاني بعنوان : « عوامل ازدهار طريق الحرير من منتصف القرن 7هـ/13م إلى منتصف القرن 8هـ/14م ». تناولت في بداية هذا الفصل دور المغول في إحياء طريق الحرير والحفاظ على عنفوانه من خلال مجموعة من التدابير الميدانية التي أنت أكلها على أرض الواقع. ومنها الحرص على اصلاح الطرق والمنشآت التجارية، وتأمينها من المخاطر المحدقة بها، وكذا محاولاتهم لربطهم طريق الحرير بالبحر المتوسط، وكان لإنشاء المحطات والخانات على طول الطرق التجارية أثره الإيجابي على تشجيع الحركة التجارية وهذا ما أدى إلى بعث المدن والأسواق طريق الحرير، وختمت التدابير المغولية باجتهادهم لتعزيز الوحدة فيما بينهم لتفعيل حيوية طريق الحرير. وفي هذا الفصل أيضا، وقفت عند دور المسلمين في ازدهار طريق الحرير، وهذا من خلال استغلالهم للموقع الاستراتيجي الهام الذي يحظون به دون إغفال دور مؤرخيهم وجغرافيهم في التعريف بالطريق من خلال كتاباتهم التي دونت قبل وأثناء وبعد ازدهار الطريق، كما عرجت على رحلات حج المسلمين إلى البقاع المقدسة والتي سلكت بعضها أشواطا معتبرة من هذا الطريق، وأفقلت هذا الشق بإبراز المكانة التي تبوأها التخار المسلمون في ميدان الوساطة التجارية والتي أكسبتهم تجربة قيمة في مجال المعرفة بالطرق التجارية غير أن الوثائق والدراسات أثبتت جدارة التخار المسلمين في خوض الطريق البحري على حساب المسالك البرية. وأبرزت في ثنايا هذا الفصل دور القوى الأوروبية في مجال طريق الحرير من خلال الحروب الصليبية والتي بفضلها نفذ الأوروبيون إلى عالم الشرق والذي ظل مؤصدا في وجوههم منذ قرون حلت. كما أشرت إلى دور رحلات الأوروبيين اتحاد عالم آسيا العميق وقد تعددت أصنافها منها البعثات الدبلوماسية، والإرساليات التبشيرية، وكذا الرحلات الاستكشافية وخاصة نحو البر المغولي دون أن أغفل جهود تجار الجمهوريات الإيطالية والمدن الأوروبية الأخرى في تنشيط طريق الحرير من خلال عملياتهم التجارية الدؤوبة والمتواصلة. وأنهيت هذا الفصل بعرض العناصر التي دفعت بعجلة التجارة عبر طريق الحرير كاستخدام الحيوانات كأداة لنقل البضائع وكذا اختراعات الانسان بالإضافة إلى العلوم والمعارف المتداولة، فقد كان لاستعمال العربة في الطرقات البرية أمر مشجع لنقل أكبر كمية ممكنة . من السلع وهو ما جعل النقل البري ذا مردودية اقتصادية مقبولة، كما بينت مساهمة الأدلاء والمكترون في التعريف بالطريق وتموين وتذليل بعض من عقباته. 





















وأما الفصل الثالث فجاء بعنوان : « ازدهار طريق الحرير وأثره على العلاقات التجارية بين آسيا وأوروبا من منتصف القرن 7هـ/13م إلى منتصف القرن 8هـ/14م »، عالجت فيه عوامل تنشيط العلاقات التجارية بين آسيا وأوروبا والتي تسببت في ازدهار طريق الحرير بفضل نجاح الخطوات التي اتخذها خانات وإيلخانات المغول في استقطاب التجارة والتجار، وقد سردت جملة من شهادات رحالة الشرق والغرب الذين أكدوا على هذا العنفوان المتميز والبراق الذي آل إليه الطريق، ثم كشفت عن جودة المنتجات الشرقية والتي دفعت بالأوروبيين إلى بذل المزيد من الجهد في سبيل الحصول عليها فعملوا على استغلال مزايا النقل البري لتحقيق هذه الغاية، كما وضحت أثر ازدهار طريق الحرير على التفاعل البناء في مجالي الزراعة والصناعة بين آسيا وأوروبا، وقمت بشرح حيوية العلاقات التجارية الأسيوية الأوروبية عبر طريق الحرير وهذا من خلال التطرق إلى زيادة نمو حجم التبادل التجاري بين آسيا وأوروبا ومحاولات الأوروبيين احتواء الوساطة التجارية البرية، وهو ما أدى إلى تنافس القوى الدولية للتأثير على بعض مراحل ومقاطع طريق الخرير والسيطرة عليها. ونظرا لمكانة هذا الفصل في هذه الدراسة تعرضت فيه إلى واقع المعاملات المالية التي تمت في أسواق طريق الحرير، وقد تعرضت لهذه المعاملات من خلال الضرائب المفروضة على السلع، وكذا أهم المكاييل والموازين المستعملة في أسواق طريق الحرير مع تحديد أنواع التقود المتداولة فيها، ثم الانعكاسات المالية على معول الصين جراء هذا الطريق، كما بينت موقع العملات الإيطالية في الأسواق الدولية، ثم تعرضت لشراء المعارف الجغرافية والاقتصادية لدى الأوروبيين جراء تزايد عدد رحلاتهم إلى الشرق، واطلاعهم على المقدرات الاقتصادية لأسيا الوسطى والصين، وكذا نمو ثقافتهم الجغرافية بفعل هذه الرحلات، وختمت هذا الفصل بالعقبات الطبيعية والبشرية التي عرفها الطريق ولعل أكبر تحد واجهه الطريق البري هو منافسة الطريق البحري له. 















وأما الفصل الرابع، فقد أعطيته عنوان : « اضمحلال طريق الحرير وأثره على العلاقات الاقتصادية بين آسيا وأوروبا اللاتينية، من منتصف القرن 8هـ / 14م إلى نهاية القرن 9هـ/15م». استهللت هذا الفصل بالإشارة إلى عوامل اضمحلال طريق الحرير والتي تمثلت في السقوط التدريجي والمتتالي للقوى المغولية، وكذا وصول أسرة مينغ إلى حكم الصين وما تلاه من تغيير استراتيجيتهم القائمة على أساس الاهتمام الجدي بالمحال البحري على حساب الطريق البري، وكان لظهور وباء الطاعون الأثر السيئ على العلاقات التجارية بين الشرق والغرب، لم نقف عقبات الطريق عند هذا الحد، وإنما استفحلت جراء غزوات تيمورلنك على طول امتداد طريق الحرير، ثم أشرت إلى الانعكاسات المترتبة عن أقول طريق الحرير والتي أرغمت رحالة الغرب الأوروبي على تحويل مسار رحلاتهم من سواحل البحر الأسود إلى بلاد الشام ومصر وعودة تجارهم إلى أسواق المشرق والمغرب الإسلاميين، ثم تناولت تغير موازين القوى التجارية الدولية، لأختم الدراسة بشرح المصير الذي آل إليه طريق الخرير منذ اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح الذي غير واقع العالم اقتصاديا وجيو سياسيا. عرض المصادر والمراجع. I اقتضت هذه الدراسة الاعتماد على مجموعة من المصادر والمراجع العربية والمعربة والأجنبية، تفاوتت درجة الاستفادة منها من مصنف إلى آخر، وتأتي في مقدمتها: 

















1- المصادر العربية والمعربة في هذا الباب، اعتمدت بالدرجة الأولى على كتب الرحالة لمكانتها الهامة بالنسبة الموضوع البحث، وكذا الكتابات الجغرافية والتاريخية، وتأتي درجات الاستفادة منها حسب الترتيب التالي: 

















أ كتب الرحالة : تعد عماد هذه الدراسة لدورها في الكشف عن المسالك البرية والبحرية التي ارتادها الرحالة في حلهم وترحالهم، وكذا في تبياني المسافات والمحطات التي استعانوا بها في إتمام أسفارهم، غير أن الكثير من الرحلات العربية تمت قبل الإطار الزماني لهذه الدراسة أو بعدها، وعلى الرغم من ذلك فلم يكن باستطاعتي الاستغناء عنها، وتأتي في مقدمة هذه المصادر: كتاب أخبار الصين والهند (1)، لصاحبه السيرافي أبي سعيد الحسن بن عبد الله (ت. 368هـ / 978م)، ويعتبر من طلائع المستكشفين العرب الذين وطأت أقدامهم بلاد الصين، فكشف عن أحوال الطريق البحري الذي سلكه بالإضافة إلى العادات والتقاليد الممارسة في البر الصيني وكذا معاملاتهم التجارية، وهو ما جعل العديد من المصنفات الإسلامية التي جاءت من بعده تقتبس منه عند تناولها لأوضاع بلاد الصين. I ومن الرحلات العربية التي استفدت منها على الرغم من عدم تطابقها الزمني مع هذه الدراسة، أذكر رسالتي (2) لأبي دلف مسعر بن المهلهل الخزرجي (ت. بعد منتصف قي. 10/24م )، فقد اكتسبت هذه الرحلة مكانة مميزة بالنسبة للموضوع، بحكم أن صاحبه بلغ الصين عبر المثالك البرية ورجع عبر الطريق البحري فكشف عن المسارات المعقدة للطريق البري، وشرح بالتفصيل الخط الذي مشى فيه غير أنه لم يكن متطابقا مع الطريق الحرير إلا في مراحل يسيرة. 















وتمثل الرحلة الموسومة بـ "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار (1) الشيخ الرحالين ابن بطوطة (ت 779هـ / 1377م) كأنفع مصدر عربي استفدت منه، حيث رافق كتابه هذه الدراسة من بدايتها إلى نهايتها، وزاد من أهمية الرحلة تطابقها مع الإطار الزماني للدراسة بخلاف الرحلتين المذكورتين، ذلك أنه بين بوضوح نام الطرق والمسالك البرية التي تشق طريق الخرير في كل من بلاد الشام والعراق وأقاليم مختلفة من آسيا الوسطى كما حدد المسافة بين المحطات التجارية مع تقديم شرح واف ودقيق عن التجارة عبر طول طريق الحرير كاشفا بذلك العديد من المعاملات التجارية وحال الطرق أيضا، وعلى الرغم من القيمة العلمية للمرحلة ووضوحها ودقتها، إلا أن ابن بطوطة ولج الفتين عن طريق البحر ورجع من نفس الطريق، فلو سلك الطريق البري في رحلتي الذهاب والإياب لأزال الغموض عن كثير من مقاطع طريق الخرير البري ولكانت رحلته أكثر استيفاء، ومع ذلك لا يمكن بأي حال الإنقاص من شأنها، اذ تميزت عن جل الرحلات السابقة واللاحقة شهرة ودقة ووضوحا وشمولية. ب المصادر الجغرافية: إنها لا تقل أهمية في هذه الدراسة، أفادتني في تحديد العديد من مواقع الأقاليم والمدن، ويوجد كتابان هامان اعتمدت عليهما كثيرا، هما: كتاب الجغرافيا (2) لابن سعيد أبي الحسن علي بن موسى المهربي (ت 673هـ/1274م)، وكذا سفر: "أكام المرجان في ذكر المدائن المشهورة في كل مكان" 19 للمنجم إسحاق بن الحسين (ت. في القرن 10/24م) . يُعد الأول أكثر دقة وتطابقا بالنسبة لهذه الدراسة مقارنة بالثاني.








وأما كتب البلدانيين فقد اعتمدت عليها للتعريف بالعديد من المدن والمحطات وأحوال الطرق، ويمثل سفر المسالك والممالك (4)، لصاحبه ابن خرداذبة أبي القاسم عبيد الله بن عبد الله (ت. نحو 299هـ / 912م) من أنفس المصنفات في مجال تحديد وضبط الطرق والأماكن الجغرافية ذلك أنه حدد مقاطع مهمة من طريق خراسان والذي هو في الحقيقة التسمية القديمة التي أطلقها الجغرافيون والبلدانيون والرحالة المسلمون على أجزاء مهمة من طريق الحرير البري المعاصر لهذه الدراسة، كما أني لا أنكر بأني استثمرت في كتب الجغرافيين والبلدانيين آخرين، لكن يضيق المقام للتفصيل فيها. ج المصادر المعربة تأتي في طليعة الكتب المعربة التي استفدت منها أيما استفادة "رحلة ماركو بولو" (ت. 1324م) إلى آسيا، وتعتبر هذه الرحلة الوحيدة التي تطابقت مع خط سير طريق الحرير بنسبة كبيرة، انطلاقا من البندقية إلى سواحل البحر الأسود فإيران فآسيا الوسطى فالصين، كشف فيه مؤلفها عن معلومات ثمينة تتعلق بطريق الخرير كالأنشطة الاقتصادية ورواج الأسواق، وتوفر السلع وندرتها، وتحديد المسافات بين المحطات، وتبيان الأسعار، وبحكم أهميتها فقد رافقت البحث في فصوله الأربعة، ومما يؤخذ عن رحلة ماركو بولو، هو قلة التدقيق فيما دونه في رحلته خاصة لما يلج العالم الصيني مما جعل الشك بطال هذا الشق، وهو ما دفع ببعض المحققين الغربيين وغيرهم إلى التزام الحيطة في حقيقة وصوله إلى الصين، ومع ذلك، يبقى كتابة لا غنى عنه في إطار الدراسات المتعلقة بطريق الحرير. 


















ومن الرحلات الفارسية المعربة التي تطابقت مع خط سير طريق الحرير من بلاد ما وراء النهر شرقا إلى سواحل المتوسط غرباء رحلة سفرنامه (1) لمؤلفها خسرو أبي معين الدين ناصر الحكيم القبادياني (ت 481هـ / 1088م) غير أنها سبقت الإطار الزمني للأطروحة بثلاثة قرون كاملة، ومع ذلك استغللتها في الكشف عن أحوال طريق الحرير في الزمن الذي دون فيه رحلته خلال القرن 5هـ/11م. د كتب التاريخ: على الرغم من تواضع مكانتها مقارنة بكتب الرحالة والجغرافية بحكم أنها ركزت على الجوانب لا تخدم صلب الموضوع بدرجة كبيرة إلا أنه لا يمكن بأية حال من الأحوال الاستغناء عنها، وإن كانت قيمتها تؤكر في جانب التاريخ السياسي والعسكري على حساب الجانب الاقتصادي الذي هو لب الدراسة، ومن الكتب التاريخية التي اعتمدت عليها بالدرجة الأولى، الكتب الفارسية المعاصرة لفترة ازدهار طريق الحرير، وتأتي في مقدمة هذه المصادر، مؤلفات مؤرخ المغول الهمذاني رشيد الدين فضل الله (ت 718هـ/1318م)، وهي: جامع التواريخ - الإيلخانيون - تاريخ هولاكو"، وكذا جامع التواريخ، تاريخ خلفاء جنكيز خان من أوكتاي قاآن إلى تيمور قاآن (2) بالإضافة إلى: "جامع التواريخ تاريخ غازان خان"، وتحتل كتب هذا المصنف الصدارة من بين غيرها من المصادر التاريخية المعاصرة للمغول، حيث سلطت الضوء على الوضع الاقتصادي العام الذي مرت به الإيلخانية، فاستفدت من كتبه : في تحديد الإجراءات التي اتخذها الإيلخانيون حكام إيران في الدفع بعجلة طريق الحرير، كما تطرقت أيضا إلى بعض المعاملات التجارية السائدة في أرجاء الإبلحانية كالضرائب والنقود والمكابيل والموازين المستعملة وحالة الأسواق، وفصلت أيضا في دور التخار المحليين والأجانب في الحياة الاقتصادية للإيلخانية. 



















واعتمدت أيضا على مصنف الجويني علاء الدين عطاء الله بن بهاء الدين (ت. 683هـ / 1283م) الموسوم بعنوان :: " تاريخ فاتح العالم جهاز كشاى (3) والذي سلّط الضوء على جهود ومحاولات المغول العظام المتمركزين في الصين في سبيل إصلاح ما أفسده أسلافهم، وأشار أيضا إلى النقود المتداولة عند المغول، كما نود بمحاسن الحكام المغوليين وتفتحهم على مختلف الأجناس والثقافات، وأفادني في أخذ صورة عامة عن الاقتصاد المغولي قبل وبعد تأسيس دولة المغول على يدي جنكيز خان، غير أنه بالغ في مدح وإطراء خانات وأمراء المغول، كما أن وفاته قبل نهاية القرن الثالث عشر الميلادي جعلت كتابه يفتقر إلى الكثير من المعطيات والتفصيلات المتعلقة بطريق الحرير. ومن الكتب التاريخية الفارسية التي رجعت إليها في إبراز معالم طريق الخرير أثناء السيطرة المغولية، أذكر سفر: "طبقات الناصري " للمؤلف الجوزجاني لأبي عمر منهاج الدين عثمان ( ت. 1260/658م))، فعلى الرغم من أن المؤلف توفي مع بدايات ازدهار طريق الخرير إلا أنه أشار إلى بعض المحطات التجارية المتناثرة بأسياء كما وضح السياسية الاقتصادية العامة التي انتهجها حكام المغول استعنت به أيضا في معرفة الشق المتعلق برعاية أكاسرة الفرس الطريق الحرير منذ بدايات تشغيله إلى الفتح الإسلامي لإيران. 

















وتأتي كتب التاريخ العربية في الدرجة الثانية من الأهمية لكونها لم تول النشاط الاقتصادي ما يستحقه من قيمة أشير من بينها إلى العمري أبي شهاب الدين أحمد بن فضل الله بن يحي (ت 749هـ/ 1349م) قيمثل الاستثناء من بين مؤرخي الغرب، فكتابه الموسوم بـ " مسالك الأبصار في ممالك الأمصار (2) يُعد من أنفس المصادر العربية التي أولى فيها المؤلف عناية خاصة بالمجال الاقتصادي والجغرافي، إن إطاره الزمني والمكاني يتطابق حقا مع هذه الدراسة، حيث اهتم بتحديد المسافات بين المحطات وتطرق إلى بعض نماذج المعاملات المالية: كالضرائب المفروضة على التجار وتحديد أسعار بعض المنتجات، وتعرض إلى النقود المستعملة في الفضاء الإسلامي والصيني والمغولي، ولم يكتف المؤلف بسرد الأحداث والوقائع وإنما قدم شروحات وتحليلات وافية، وهذا ما جعل كتابه يرافق جميع أطوار البحث خلا الفصل الرابع بحكم أن مجرياته وقعت بعد وفاته، ويأتي بعده القلقشندي أبو العباس أحمد بن علي بن محمد (ت 821 /1418م) في مؤلفه صبح الأعشى في صناعة الإنشاء (3)، وكان موفقا في تغطية الجانب الاقتصادي إذ كشف عن كثير من المعاملات التجارية التي أعطت للدراسة إضافة ملحوظة فاقت ما ورد في المراجع، ولاسيما تلك التي حررها المستشرقون. أذكر كذلك أسفار المقريزي تقي الدين أبي العباس أحمد بن علي بن عبد القادر العبيدي (ت 845 هـ/1442م) وهي: "السلوك لمعرفة دول الملوك (4)، وكذا "رسائل المقريزي" و "الذهب المسلوك في ذكر من حج من الخلفاء والملوك"، تصنف في الدرجة الثانية من الأهمية بالنسبة للأطروحة مقارنة بالمؤرخين السابقين، إذ أشار فيها المؤلف إلى التقود والموازين والمكابيل وكذا أحوال الطرق، غير أنه ركز على المنطقة العربية كمصر وبلاد الشام والعراق والجزيرة العربية فلم يخرج من هذا الفضاء إلا نادرا جدا، وهو ما جعل الدراسة تعتمد على مؤلفاته بشكل قليل، أما أمهات المصادر التاريخية العربية الأخرى كابن الأثير (ت 630 هـ / 1232م) و ابن كثير (ت. 774 هـ / 1373م) وابن خلدون (ت 808هـ / 1406م) فقد وظفتها في تبيان بعض الجوانب المتعلقة بالأوضاع العامة التي تهم الدراسة. 



















(2) المَصادِر الأجنبية: تحتل مكانة لا يستهان بها ضمن هذه الدراسة، اعتمدت بالدرجة الأولى على المصادر الأوروبية ثم المصادر الصينية والفارسية المترجمة إلى اللغات الأوروبية. فعامل اللغة اضطرني إلى العودة إلى المصادر الشرقية المترجمة لبعض اللغات الأوروبية الحديثة. 


















(1) المصادر الصينية والمغولية يأتي في طليعتها الرحلة التي قام بها الرحالة البوذي الصيني تشيونتسانغ Xuanzang (ت 664) تحمل عنوان: " السجلات البوذية للعالم الغربي (1)، وهي من أثرى المصادر الصينية التي استفدت منها في تحديد خط سير طريق الحرير داخل الفضاء الصيني وأجزاء من بلاد ما وراء النهر، وتستمد هذه الرحلة قيمتها في كون صاحبها وهو يقطع طريق الخرير من في رحلة الذهاب على المسلك شمالي الحوض التاريم، وفي رحلة الإياب من الهند قطع الممر الجنوبي من الحوض. لقد أعطت هذه الرحلة صورة تفصيلية عن كل المحطات المهمة التي يشقها طريق الحرير، كما حدد مسافة الطريق ومدة اجتيازه بين المحطتين، ويمثل كتاب " التاريخ السري للمغول المؤلف مغولي مجهول (3) معاصر لعهد جنكيز خان أهم المصادر المغولية التي تطرقت إلى شخصية هذا الأخير مؤسس الإمبراطورية المغولية غير أنها لم تكتب عن خلفائه، ومع ذلك لا يمكن التقليل من أهميتها، فقد ترجمت إلى أكثر من عشر لغات أجنبية. 












ب) مؤلفات التجار: تعتبر كتب التجار إحدى الأدوات المفيدة في هذه الدراسة وبخاصة ما دونه الإيطاليون الذين تصدروا مجال اختراق أغوار القارة الأسيوية إذ لهم باع ملحوظ في ذلك. ومن هؤلاء التجار الذين أسهموا 1347م) في كتابه.( Francesco Balducci Pegolotti بكتاباتهم أذكر التاجر الفلورنسي بيحولتي ملاحظات حول الطرق البرية المؤدية إلى كاثاي الصين) في النصف الأول من القرن الرابع عشر (3) فعلى الرغم من كونه رجل أعمال إلا لأنه استقى معلوماته التجارية والجغرافية من أفواه التجار الذين وطأت أقدامهم الأسواق المغولية والأسيوية، يتضمن كتابه نصائح وإرشادات في غاية الأهمية لسالكي طريق الحرير، وقد وردت معلوماته مفصلة عن وسائل النقل المناسبة للبضائع، والمدة المحتملة لقطع الطريق مع الحمولة التي تستطيع حملها، كما لم ينس ارشاد التجار على شراء سلع من أسواق معينة لتباع في أسواق أخرى، موضحا حال الطرق ووضعيتها الأمنية ومدى صلاحيتها لاستغلال العربات وأي الحيوان أنسب لاستعماله وفق كل جزء من أجزاء طريق الحرير. وبتتبع هذا المصنف، يمكن القول من غير تردد أو مبالغة أن جوانب عدة منه، تفوق قيمتها وثراؤها ما ألفه الرحالة والمبعوثون الأوروبيون الذين زاروا المناطق التي تحدثوا عنها. 















ج) رسائل الرهبان: لم يك بوسع الباحث الاستغناء عن كتابات الرهبان الكاثوليك المبعوثين من قبل الكنيسة العربية إلى البلاط المعولي بحكم أن كتبهم ورسائلهم أزالت الكثير من الغموض الذي طال أخبار الطرق التجارية ومحطاتها، وكذا أسعار بعض المواد الزراعية والصناعية وعند النظر إلى كتابات هؤلاء الرهبان بلاحظ أنها تركز في كثير من الأحيان على الجانب الاقتصادي أكثر من الديني، وهو ما يدفع إلى الاعتراف بأن الكنسيين على السواء قدموا للاقتصاد ومجال الكشوفات ما لم يقدمه غيرهم من التجار، وبلغت مساهمتهم درجة تأليف قاموسا للغات الشرقية مع ما يقابله باللاتينية، يحتوى على المصطلحات المتداولة في حياة الانسان اليومية وخاصة ما له علاقة بالشق الاقتصادي. ومن رحلات الرهبان التي استفدت منها وتطابق مسارها إلى حد كبير مع خط طريق الحرير، توجد رسالة الراهب باسكال دي فيتوريا Pascal de Vitoria والموسومة بـ : " رسالة من باسكال فيتوريا المبشر الفرنسيسكاني في بلاد التتار إلى إخوته في دير فيتوريا سنة 1338). ويتتبع واستقراء الطريق الذي اقتفاء للوصول إلى الشرق انطلاقا من أوروبا ووصولا إلى الفنين يتضح أنه سلك سواحل البحر الأسود مخترقا أراضي مغول فارس فجغطاي، ومما زاد من أهمية هذه الرسالة مقارنة بنظيراتها، هو مروره على الخانيات المغولية الأربع مما يجعل دي فيتوريا أحد الرهان والرحالة القلائل الذين وفدوا إلى حضرة خان مغول جغطاي. 
















وتأتي إلى جانبها أيضا رسالة الراهب البندقي جون مونت كورفينو John of Montecorvino في تقريره إلى الكنيسة ، والذي جاء في شكل رسالة بعنوان: " رسائل وتقارير الرهبان التبشيرية (2)، والحق أن هذا الراهب رصد بعضا من المعاملات التجارية كتحديد أسعار بعض المواد وتبيان السلع التي رجت في الأسواق الصينية والغير المتداولة بها أيضا مما جعلني مرتاب في أمره، أكان الراهب تاجرا أم مبشرا . ومن رواد الرهبان أيضا الذين وطأت أقدامهم بلاد المغول وبلغوا قورا فورم عاصمة المغول العظام قبل أن تحول إلى خان بلق وأفادوا بشاهدتهم اذكر الراهب ويليام روبروك Jean de plan carpin في كتابه المعنون بـ " رحلة ويليام روبروك إلى الأجزاء الشرقية من العالم 1253 - 1255م (3)، فقد كشف في سفره هذا عن الطرق والمسالك التي قطعها للوصول إلى المغول.












د . كتابات الدبلوماسيين:

 لاشك أن الدبلوماسيين مساهمتهم مشهودة في اثراء المادة التاريخية حول طريق الحرير وذلك بتسليط الأضواء على بعض الجوانب الغامضة له وقد استعنت بها في تحديد الوضع العام الذي آل إليه هذا الطريق بعد النكسة التي تعرض لها بسقوط الخانيات المغولية وندرة الكتابات والرحلات التي تغطي المصير الذي آل إليه الطريق، وفي هذا الصدد، أشير إلى رحلة التغير القشتالي روي كونزالس كلا فيجو Ruy Gonzalez de Clavijo ( (1412) الذي عنون كتابه - : " سفارة كلافيجو إلى تيمورلنك 1403-1406م ويمكن تثمينه لما قدمه من إضافات حول أوضاع طريق الحرير في ظل غياب كتابات التجار والمبشرين، غير أنه لا ينبغي للدارسين والباحثين التعويل كثيرا على هذه السفارة بحكم أن كلافيجو وجد الطريق ميسرا له بحكم أنه دبلوماسي مبعوث من لدن أمير قشتالة هنري الثالث إلى زعيم المغول تيمورلنك بسمرقند ومن يتعمق في قراءة الكتاب يستشف أن الكاتب يوحي بأن طريق الحرير كان في غاية الأمن والازدهار مع مطلع القرن الخامس عشر، وعند مقارنة مضمون الكتاب بما كتبه الرحالة البندقي نيكولو دي كونتي Nicolo de Conti ( 1469 ) يتضح حليا بأن كونتي كان أكثر دقة من كلافيجو باعتباره تاجرا أظهر العجز عن ممارسة نشاطه في ظل تراجع أهمية طريق الحرير، على أن هذه الملاحظة لا تقلل من قيمة رحلة كلا فيجو، الذي ترك بصماته على كتابات الرحالة الأوروتيين الذين زاروا بعده منطقة الشرق الأدنى وآسيا الوسطى، ورصدوا بها الأحوال الاقتصادية والسياسية والأمنية التي طبعت كل فضاء طريق الحرير بعد اضمحلاله، ومن هؤلاء، أخص بالذكر الرحالة الألماني جوهان شيلتيبوجر Johann Schiltberger (ت 1440 م) الذي توج رحلته بتأليف كتاب اسماه " رحلات جوهان شيلتبرجر في أوروبا وآسيا وإفريقيا (2) وما يلاحظ عن هذا الرحالة أنه لم يترك أي موضع ينتج أو يصنع الحرير إلا أشار إليه وهذا في وقت بانت هذه الصناعة في أوروبا تسجل تقدما وازدها را ملحوظين فاقا نظرياتها الأسيوية. وقد أشار هذا الرحالة أيضا، إلى المضايقات التي أصبح التجار الأوروبيون يتعرضون لها في الأراضي الإيرانية بعد زوال حكم الإيلخانيين. 

















هـ) المصادر الفارسية المترجمة إلى للغات الأوروبية: استعنت في هذا الركن بكتاب المؤرخ الفارسي شرف الدين على يزدي (ت 1454م) الذي يحمل عنوان " تاريخ تيمور بك المعروف باسم الإمبراطور العظيم تيمورلنك إمبراطور للمغول والتتار (3). .. يؤرخ هذا الكتاب لتيمورلنك ويشرح الأوضاع التي آلت إليها المناطق التي استولى عليها هذا الفاتح والتي هي دون شك قلب طريق الحرير ونهج أبو الغازي بهادور Aboul ghazi  Khan (ت 1664م) نفس منهج يزدي في كتابه المعنون بـ " تاريخ المغول والتتار (1) غير أن بهادور فصل في تاريخ المغول منذ ظهور قوتهم إلى غاية عصره لما صار أميرا الخانية خيوة بالجرجانية الأوزباكستانية حاليا. 


























و) وثائق الجنيزة تكتسب أهمية بالغة في كتابة التاريخ الاقتصادي غير أن جل الوثائق لا يتناسب إطارها الزماني والمكاني مع لب الدراسة، ومع ذلك حاولت قدر المستطاع الاستفادة منها من خلال الجزء الذي ترجمه ونشره المؤرخ الاقتصادي جواتين Goitien والتي اسمها - رسائل تجار اليهود في العصور الوسطى " (2) إنها أشارت إلى رواج تجارة الحرير في عالم المتوسط، كما وضحت محاولات التجار اليهود الوصول إلى الأسواق الهندية وجلبهم المنتجات الشرقية منها إلى العالمين الإسلامي والأوروبي. إلا أن هذه التفاصيل والمعلومات المهمة جاءت قبل الإطار الزمني للدراسة ومن ثمة لم تقدني في هذه الدراسة بالقدر المطلوب. 































ن الحوليات الأوروبية: تأتي في الدرجة الأخيرة ضمن المصادر الأوروبية التي استأنست بها بحكم أنها ركزت على الجانب السياسي والعسكري على الحساب الميدان الاقتصادي الذي هو لب هذه الدراسة، ومن الحوليات الأوروبية التي وردت في هذا العمل، يوجد ما كتبه جيوفاني فيلاني Giovanni Villani ( 1348) في حوليته المعروفة " الحولية الجديدة كشف فيها عن مكانة الحرير في أوروبا وإيطاليا خلال العصور الوسطى، واستفدت أيضا من حوليتين إيطاليتين متخصصتين، إحداهما من البندقية، عنوانها: " الحوليات الحضارية للبندقية من عام 810م إلى 1797م لمؤلفها فابيو موتينيلي Fabio Mutinelli (ت. 1876م) وثانيها من جنوة، وتحمل عنوان " حوليات جمهورية جنوة : للمؤلف أوغستينو جوستنیان Agostostino Giustinian I (3) 






















المراجع للمراجع قيمتها العلمية في هذه الدراسة إذ تحتل مكانة محورية ضمن أدوات هذا البحث فلا يمكن التقليل من أهميتها وخاصة الأجنبية في انجاز عمل كهذا في ظل صعوبة الحصول على كل المصادر الأساسية للموضوع، فاللجوء إلى المراجع الأولية أمر لا مفر منه لتغطية العديد من فجوات البحث ولاسيما المتخصصة منها، فقد ساعدتني إلى حد كبير في توجيهي واستجلاء غوامض البحث وفك تعقيداته والإحاطة بمعظم مفاصله وهذه المراجع أصناف منها العربية، والمغربة والأجنبية.








أ- المراجع العربية : يأتي في مقدمتها كتاب تلفيق الأخبار وتلقيح الآثار في وقائع قزان وبلغار وملوك التار (1)، لمؤلفه الرمزي محمد مراد وبعد هذا السفر من بواكر المراجع العربية التي فصلت في تاريخ المغول تفصيلا، غير أنه لم يشر إلى طريق الحرير، ويليه كتاب طرق التجارة الدولية ومحطاتها بين الشرق والغرب أواخر العصور الوسطى (2)، للمؤلف نعيم زكي فهمي الذي فصل في الطرق التجارية الدولية الرئيسية ومحطاتها، غير أن دراسته ركزت على الطرق الدولية بعد تلاشي طريق الحرير، فإطاره الزماني لم يتوافق مع صلب الدراسة، ومع ذلك لم يمنعن الاستفادة منه في تحديد معالم طريق الخرير وغيره من الطرق الرئيسية التي احتاجت إليهم الدارسة. ومن المراجع العربية التي لا غنى عنها في مجال الدراسات المغولية، كتابات فؤاد عبد المعطي الصياد : المغول في التاريخ (3)، وكذا "الشرق الإسلامي في عهد الإيلخانيين ( أسرة هولاكو خان) (4)، حيث قدم شروحات وافية عن المغول وحياتهم اليومية، إلا أن ما يتعلق بأحوال الطرق والحياة الاقتصادية المغولية وردت ضئيلة. 

















ولعل كتاب: العلاقات بين المغول وأوروبا وأثرها على العالم الإسلامي (5) للمؤلف عادل إسماعيل محمد هلال بعد من الدراسات العربية الجادة في هذا الشق غير أنه لم يتطرق إلى طريق الحرير بشكل دقيق وعميق. كما تناول طريق الخرير بشكل سطحي محمود سعيد عمران في كتابه المغول وأوروبا ) ، والذي أفادني في معرفة الطرق التي استعملها الأوروبيون للوصول إلى المناطق الخاضعة للمغول في آسيا، كما استفدت أيضا من كتابه الموسوم : : النقود في أوروبا في العصور الوسطى (7) في مجال النقود الأوروبية المتداولة أواخر العصور الوسطى، ومن الدراسات العربية الأولى التي أشارت إلى الاتصال الحضاري بين القارتين الأسيوية والأوروبية، أذكر كتاب : الدولة الخوارزمية والمغول غزو جنكيز خان للعالم الإسلامي وآثاره السياسية والدينية والاقتصادية والثقافية " (8) ، الحافظ أحمد . حافظ ، حمدي. إذ تطرق فيها الباحث عرضا إلى الاتصال الحضاري بين آسيا وأوروبا.










ب المراجع الأجنبية المعربة خطت الدراسات الغربية خطوات رائدة وملموسة في مجال الأبحاث المتخصصة والمعمقة والدقيقة الطريق الخرير، وتبرز ثلاث مدارس أوربية في هذا المضمار الأولى: المدرسة الانجليزية الأكثر شمولية، والثانية: المدرسة الألمانية الأكثر تخصصا، والثالثة: المدرسة الفرنسية الأكثر دقة، دون إغفال ما قدمته المدرسة السوفيتية سابقا والروسية حاليا التي ركزت على مناطق نفوذها وهي تركستان الغربية. وأما المدرسة الصينية فقد جمعت بين كل تلك التيارات وازدادت اهتماما وتعلقا به خاصة مع تبني دولة الصين لمشروع إحياء طرق الحرير، غير أن عدم ترجمة الكثير من تلك الأعمال والأبحاث حال دون الاستفادة منها بالنسبة للذين لا يتقنون اللغة الصينية. ومن المراجع الأجنبية التي جرى تعريبها وأعطتني لمحة عامة عن الموضوع أ أشير إلى " كتاب "طريق الحرير"، المؤلفيه أيرين فرانك وديفيد براونستون (1)، فقد قدما فيه صورة واضحة عن طريق الحرير منذ نشأته إلى غاية أقوله، لكن يمكن التأكيد أنهما تعمدا إخفاء دور المسلمين في ازدهار طريق الحرير. هذا وقدمت الباحثة سونيا . ي . هاد في كتابها المعنون بـ: " في طلب التوابل (2) تفصيلا دقيقا عن التوابل والطرق والأسواق التي تعامل معها الأوروبيون لاقتناء هذه المادة. ولمة مؤلف دون على أساس أمهات الكتب الجغرافية الإسلامية التي قدمت وصفا دقيقا للعديد من أقاليم العالم الإسلامي وهو كتاب: بلدان الخلافة الشرقية، المؤلفة كي لسترنج ) الذي تناول فيه صفة العراق والجزيرة وإيران وأقاليم آسية الوسطى منذ الفتح الإسلامي حتى أيام تيمور، فقد أعانني كثيرا في ضبط الأقاليم والمصطلحات الجغرافية التي تتعلق بالموضوع خاصة في الفصل الأول. ومن مؤلفات الروس الضرورية للباحث المتخصص في طريق الحرير ولاسيما الكالي في قلب قارة آسيا أذكر  كتابي بارتولد فاسيلي فلادمير وقتش بعنوان: تركستان من الفتح العربي إلى الغزو المغولي (4)، وكذا تاريخ الترك في آسيا الوسطى (5)، فقد فصل في جل الأوضاع المتعلقة بآسيا الوسطى وخاصة دولة مغول تركستان بحكم أن هذه المنطقة تعرف نقصا صارخا في المادة العلمية تصل إلى حد الجفاف في بعض الأماكن خاصة أثناء خضوعها للسيطرة المغولية.














واعتمدت أيضا في إبراز العلاقات الصينية مع منطقة غرب آسيا قبل ازدهار طريق الحرير على كتاب: المشرق العربي والشرق الأقصى علاقاتهما التجارية والثقافية في العهود الإغريقية الرومانية والإيرانية العربية (1)، لصاحبه سليمان حزين، ويُعاب عليه أنه عزا تعثر الرحالات الأوروبية نحو الشرق وتخلف علوم الجغرافية قبل العهد المغولي إلى المسلمين الذين أغلقوا نوافذ القارة الأسيوية في وجه الأوروبيين حسب ادعائه، وهي حكة داحضة وواهية أشرت إليها في ثنايا هذه الدراسة. ولا يفوتني في نهاية هذا الركن ذكر مرجعيين فارسيين للمؤلف عباس إقبال، وهما: " تاريخ المغول منذ ظهور حملة جنكيز خان حتى قيام الدولة التيمورية (2) ، وكذا : تاريخ إيران بعد الإسلام من بداية الدولة الطاهرية حتى نهاية الدولة القاجارية (205_820هـ/1343_1965م (3)، ويعتبر هذان الكتابان من الدراسات الجادة التي فصلت في تاريخ المغول وكشفت عن أحوال طريق الحرير في ظل السيطرة المغولية. 



















ج - المراجع (الكتب) الأجنبية: تمثل المراجع الأجنبية ولاسيما تلك المحررة خلال القرنيين التاسع عشر وبداية القرن العشرين أدوات أساسية لفهم وتحرير مثل هذا البحث، ذلك أنها اتسمت بالجدية وروح البحث العلمي، ويأتي في طليعة هذه الكتب: تاريخ التجارة في الشرق الأدنى (4) للمؤلف وليام هايد William Heyd، حيث قدم فيه فتحة شاملة عن أوضاع التجارة والتجار وحركة المبادلات بين الشرق والغرب إبان حقبة هذه الدراسة، ولنفس المؤلف كتاب ثان لا يقل أهمية عنه، عنوانه: " المستعمرات التجارية الإيطالية في الشرق خلال العصور الوسطى (5) كما يأتي کتاب: تاريخ رحالة الهند الشرقية (0) للمؤلف أنجيلو دي غوبرتانيس Angelo de Gubermatis والذي فصل في الرحالة الغربيين ولاسيما الإيطاليين منهم الذين قصدوا الهند وأشار إلى أهم المسالك التي اتبعوها للوصول  إلى مقاصدهم. كما أجاد المؤلف اليهودي إلياهو أشتور Eliyahu Ashtor في كتابه : "التاريخ الاجتماعي والاقتصادي للشرق الأدنى في العصور الوسطى" (7), في توضيح المعاملات التجارية التي جرت وقائعها في الشرق الأدنى أثناء فترة ازدهار طريق الخرير غير أنه لم يشر إلى المعاملات التجارية التي جرت بين الأوروبيين والصينيين. واحتل كتاب " الثورة التجارية في العصور الوسطى 950 1350م (1) للمؤرخ الاقتصادي روبرت لوبيز Roberto Sabatino Lopez موقعا هاما في هذه الدراسة، فلا غرو في ذلك وصاحبه يعد من فطاحل المؤرخين المهتمين بالتاريخ الاقتصادي للعصور الوسطى. استفدت منه في محال انتعاش التجارة في أوروبا وبيان طرقها. كما لا أنكر مدى أهمية كتابات المؤرخ الفرنسي ربي غروسيه René Grousse في كل من: " إمبراطورية السهوب، أتيلا، جنكيز خان، تيمورلنك (2) وكذا كتاب : " تاريخ آسيا والشرق (3) فقد تطرق المؤرخ إلى أحوال القارة الأسيوية قبل وأثناء الغزوات المغولية، وكشف عن كثير من المعطيات الاقتصادية في قلب قارة آسيا، وكذا مختلف مضارب قبائل الترك. د الدوريات العربية: الواقع أني لم استند في بحثي هذا إلى المقالات العربية إلا قليلا بحكم أنها صارت تختم بالكم على حساب النوع، ولاسيما مع مطلع القرن الحادي والعشرين أين تغلب الدافع المادي عن الوازع العلمي في الكثير من الدراسات المنجزة في هذا الميدان، خاصة مع الترويج الذي شهده طريق الحرير من طرف الحكومة الصينية منذ خريف سنة 2013م، فالكثير من الدراسات والأبحاث العربية والأجنبية بعد هذا التاريخ صارت تفتقر إلى الدقة إلا قليل ما هم، فأصبح يكتب في هذا الموضوع من لا دراية لهم بمجال الدراسات التاريخية الاقتصادية إلا ثلة من الباحثين، لذا رجعت إلى بعض المقالات والمداخلات التي أنجزت في القرن الماضي، ومن ضمن هذه الأعمال أذكر : " حصاد الندوة الدولية لطريق الحرير بجامعة السلطان قابوس المنعقدة من 20 إلى 21 نوفمبر 1990م، يندرج هذا البحث ضمن مشروع منظمة التربية والثقافة والعلوم « اليونسكو» الدراسة طريق الحرير وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان مسقط، 1412هـ /1991م، ومع تعمقي في الموضوع تبين لي أن كل المداخلات سطحية لا يعول عليها الباحث كثيرا. ومن الدراسات الجادة أشير إلى مقال عنوانه " محاولات المغول السيطرة على طريق الحرير (أسباب و نتائج) (4)، للمؤلف نعمان محمود جبران، ولا أبالغ إن قلت بأن هذا المقال من أفضل ما انجزته الدراسات العربية المتعلقة بطريق الحرير، فقد عاد فيه الباحث إلى المصادر الأولية أهله في ذلك، تحكمه في العديد من اللغات الأوروبية والشرقية، ساعدني هذا العمل في ربط التوسع المغولي مع خط سير طريق الحرير.







وأما الدراسة المسومة بـ: "طريق الحرير بين ابن بطوطة وماركو بولو (4)، للمؤلف عبد الرحمن حميدة الذي قام بمقارنة سطحية بين الطريقين الذين سلكهما كل من ماركو بو لو وابن بطوطة للوصول إلى الصين، غير أن مقاله افتقد إلى الدقة، ويبدو أن مؤلفه لم يفقه حقيقة خط سير طريق الحرير البري بطريقة حسنة، وهو ما أفقده السيطرة على الموضوع. كما استفدت أيضا من مقال زياد السلامين عنوانه: نظام البريد عند المغول (2) ، فقد استفدت من هذه الدراسة في تعميق معلوماتي حول النظام البريدي والمحطات التجارية التي شيدت في الفترة المغولي. هـ - الدوريات الأجنبية اتسمت الكثير من المقالات الأجنبية ولاسيما الأوروبية منها والمبثوثة في دائرة المعارف الإسلامية النسخة الانجليزية على وجه الخصوص The Encyclopedia of Islam والموحدة أيضا في المحلات الأسيوية ك: journal Asiatique الفرنسية، وكذا journal asiatic الانجليزية بالجدية والتي لا يستغني عنهما الباحث الجاد المتعطش للعمق والتدقيق العلمي والمعرفي. ومن المقالات العلمية والمتخصصة التي استعنت بها في المجال المالي، توجد " تاريخ النقود الورقية في الصين" (3) للمؤلف M. Klaproth الذي فصل في الأوراق المالية المستعملة في الصين واستخداماتها، خاصة وأن المؤلف أعطى الموضوع حقه. ومن الدراسات المتخصصة التي استعنت بما توجد المقالة الموسومة بـ " مسح عام وموجز لصناعة وتجارة الحرير في أوروبا من وجهة نظر المؤرخ الاقتصادي الأوروبي (4) للمؤلف N. Steensgaard فقد قدم صاحبها توضيحات حلية عن خطوات ومراحل تطور صناعة الجزير أواخر العصور الوسطى وبداية العصور الحديثة، ووضح كيف استفادة الطرف الأوروبي من ارتياده الطريق الحرير. 













ومن المقالات الجادة التي استعنت بها في بحثي أيضا، ما كتبه المؤلف لوبيز R. S. Lopez تحت عنوان: تجارة جنوب أوروبا في العصور الوسطى (5) فقد تطرق في هذا البحث إلى تجارة الأوروبيين اللأتين بين الفضاء المتوسطي والمغولي، وقدم إحصائيات قيمة حول آثار وباء الطاعون على الاقتصاد الأوروبي.










صعوبات البحث: إن الحديث عن الصعوبات يندرج في الواقع ضمن بديهيات الأشياء في هذا المجال، ذلك أن هذه المشاق ترتبط في جوهرها بطبيعة كل أصناف البحث العلمي. ومع ذلك، فإنه من المفيد بمكان التذكير بما لقيته من ألوان مختلفة من المتاعب والمشقة، فالفضاء الواسع لطريق الحرير الممتد من أقصى شرق قارة آسيا إلى غربها ومن ثم إلى أوروبا المسيحية حتم على الإلمام بأخبار الشعوب والقبائل والثقافات والدول مختلفة في الدين والعرق واللغة والثقافة، وهذا ما يلزم الباحث أن يلم باللغات الشرقية السائدة، وهي: الصينية، والمغولية، والتركية القديمة، والفارسية، بالإضافة إلى اللغة اللاتينية وكذا اللغات الأوروبية الحديثة كالإيطالية، الألمانية، الفرنسية، الروسية، والانجليزية)، والملاحظ أنه عقب الغزوات المغولية طغت اللغة الفارسية على حساب اللغة العربية في مجال التأليف والمعاملات التجارية، وأصبحت أكثر انتشارا واستعمالا ولاسيما في الصين الوسطى والشرقية وآسيا الوسطى وحتى يكون هذا العمل جامعا مانعا ينبغي على الباحث الإلمام بكل هذه اللغات والثقافات لتعطي كل مرحلة من مراحل طريق الحرير حقها من الدراسة غير أن هذه المهمة شاقة وصعبة المنال. 














ومن الصعوبات التي واجهتها هو التسمية الحديثة التي أطلقت على هذا الطريق والذي لم يكن معروفا حينها بطريق الحرير إلى غاية نهاية القرن التاسع عشر الميلادي عقدت مهمتي في المجاز البحث لما يتعلق الأمر بإسقاط كتابات المصادر على الموضوع، فأحيانا أعجز عن تكييف بعض الرحلات على حساب خط سير طريق الحرير، فالرؤية النظرية للطريق تختلف عن الواقع، وزاد في عملية الإسقاط هذه تغير أسماء المدن والأسواق التي مر بها الطريق بين الماضي والحاضر. ومن العقبات الكأداء التي تواجه الباحث المتخصص في طريق الحرير هو غياب رحلات حج المسلمين من دول آسيا الوسطى والشرق الأقصى برا نحو البقاع المقدسة، ولكن قطع المغاربة أشواطا مهمة في أدب الرحلة من خلال انتقالهم من بلاد الأندلس والمغرب نحو بلاد المشرق والحرمين الشريفين والأراضي المقدسة ببلاد الشام (القدس الشريف)، فإن كتابات وتدوينات رحلات الحج انطلاقا من السند والهند وآسيا الوسطى والصين لم تبرز إلا في العصر الحديث وهذا ما ضيع على الباحثين الكثير من المعلومات وحقائق مهمة عن وضعية المثالك البرية المشكلة لطريق الحريز البري في العصور الوسطى، وحتى رحلات حج النصارى الشرقيين القادمين من الصين وبلاد الترك وخاصة النساطرة منها تبقى قليلة جدا مقارنة بتلك القادمة من الغرب الأوروبي، وهذا الواقع لا يسعف الباحث في تكوين صورة متكاملة لطريق الحرير وأسواقه ومحطاته التجارية. قام التخار والمبشرون والمبعوثون الأوروبيون ولاسيما الإيطاليون منهم بدور لا يستهان به في مجال الكشف عن الطرق والمسالك التي ارتادوها للوصول إلى الشرق الأقصى، وبحكم أن الإيطاليين تبوؤوا مركز الصدارة في هذا المجال، فكان لهم دور محوري في بعثه وتنشيطه من خلال رغبتهم الجامحة في الكشف عن مصادر للثروة وأسواق جديدة غير أنهم تعمدوا عدم الإبقاء على الكثير من الوثائق التي تكشف عن معاملاتهم التجارية في الأسواق والمراكز التجارية في قارة آسيا خاصة الأسواق الحديدة المجهولة لدى عامة الأوروبيين وهذا حرصا منهم على السرية وخشية وقوعها في يد منافسيهم من القوى التجارية الأوروبية الأخرى، واقتفى أثرهم رجال الدين المسحيين الذين تعمدوا إخفاء العديد من وثائقهم، فضياع وإتلاف هذه الوثائق حرم الباحثين والدارسين الكثير من المعلومات حول الطرق التفصيلية التي سلكها الرهبان والتجار الأوروبيون للوصول إلى كنوز الشرق الكبير (الأوسط والأقصى). وإضافة إلى ذلك عُرف عن تجار عصور الوسطى البخل في الكشف عن دروبهم ومسالكهم نحو الشرق وشحهم في إعطاء حقائق وافية تفيد التجار في عهدهم والباحثين الذين يأتون بعدهم. فنقص المادة العلمية الأولية تعد من أبرز المشاق التي يواجهها أي باحث في هذا الموضوع. وأمام كل هذه المصاعب فلا غرو أن تنتاب هذا العمل بعض من نقائص والهفوات وأوجه التكرار التي ثابت هذه الدراسة لارتباطها بطبيعة الموضوع الذي يتميز بتشعب أطرافه وتداخل عناصره.








الشكر والعرفان : وفي ختام هذا العرض، أتقدم بالشكر الجزيل للسيد المشرف الأستاذ الدكتور رشيد تومي الذي وجهني في هذا البحث، ولم يبخل على بتوجيهاته السديدة والمفيدة، وواكب أطوار هذه الدراسة في سبيل تيسير وضمان إنجازها، هذا على الرغم من تأكيده دوما على صعوبته وعمق أغواره والشكر والعرفان موصولان أيضا، إلى مدير المركز الوطني للدراسات والبحث في التاريخ العسكري الجزائري الذي آزربي وحفزني على اتمام هذا العمل، وأبدي امتناني كذلك إلى كل الذين شجعوني وساعدوني على بلوغي هذه الغاية العلمية الشريفة، أخص بالذكر في هذا الصدد، كل أفراد عائلتي وكذا عمال المكتبات الورقية والإلكترونية، هؤلاء جميعا، جميلهم راسخ في ذهني، جزاؤهم عند الله محفوظ، وهو لا يضيع أجر المحسنين.
































الرابط 









اضغط هنا 



رابط بديل 







اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي