الأحد، 27 أغسطس 2023

للتحميل PDF | تشحيذ الاذهان بسيرة بلاد العرب والسودان - للرحالة محمد بن عمر التونسي.

 للتحميل PDF | تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان - للرحالة محمد بن عمر التونسي

وهو من الكتب النادرة التي طبعت عام 1850 طبعة حجرية باللغة العربية بباريس بعنوان :تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان .لمحمد بن عمر التونسي .نشره بيرون رئيس مدرسة الطب بالقاهرة -



هذا الكتاب النادر من موقع المكتبة الوطنية بباريس .ب

الإضافة الي طبعة محققة بالقاهرة سنة 1965،حققه وكتب حواشيه دكتور خليل محمود عساكر ودكتور مصطفي محمد مسعد –راجعه دكتور محمد مصطفي زيادة –الناشر الدار المصرية للتأليف والترجمة سنة 1965(موقع وقفية الامير غازي للفكر القرآني) 532 صفحة.


وأيضا طبعة محققة نشرتها الجامعة الامريكية بالقاهرة عن طريق همفري ديفيز .،وأيضا مخطوطة لتشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان ، وهي منسوخة سنة 1858م والناسخ كان "عبد الحميد بك نافع (من كبار أثرياء القاهرة ،كان له قصرا بشبرا تحيط به حديقه كبيرة .نشأ بمدينة القاهرة ،وشغف وهو فتي بالادب،وكان عاشقا لاقتناء نفائس الكتب والمخطوطات فجمع مكتبة ضخمة منها شراء واستنساخا ،وكان يعتمد علي الشيخ نصر الهوريني في مقابلتها وتصحيحها وكان الوراقون يحملون اليه الكتب والمخطوطات لاقتنائها وكان يجاريه في ذلك الشغف بالكتب عبد الغني فكري بك ،أيضا برع عبد الحميد بك في الموسيقي وآلف رسالة فيها ،وأتقن العزف علي القانون ،واكثر من مطالعة كتب الادب ودواوين الشعر وكانت داره ملتقي الفضلاء والشيوخ والادباء ،وله من المؤلفات كتاب أعيان القرن الثالث عشر وبعض الثاني عشر بيع لما بيعت مكتبنه وهو موجود الان بليدن بهولندا كما جمع ديوان صفوت أفندي الساعاتي مختصرا ومات شابا في عهد محمد سعيد باشا وبعد وفاته استولي محمد عارف باشا زوج اخته علي كتبه ،فكانت له مادة ثمينة في الكتب التي طبعها ،ثم تشتت المكتبة وبيعت. )

هذا الكتاب و تشحيد الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان ، للتونسي ، أهم مصدر للتعريف بأحوال اقليم هام من أقاليم السودان . اذ المقصود ببلاد العرب والسودان هنا : بلاد السودان التي تسكنها القبائل العربية ، الى جانب سكانها الأصليين من السودان ، واقليم دارفور بصفة خاصة . وقد عرف هذا الاقليم باسم أقدم شعب سكنه ، وهو شعب القور ، الذي أضحى اسمه علما عليه ، وحوالي منتصف القرن السابع عشر الميلادي ، قامت في هذه البلاد. سلطنة اسلامية ، كانت تكون وقتذاك حلقة في سلسلة الممالك الاسلامية السودانية الواقعة بين الصحراء الكبرى ومصر في الشمال ، وبين الغابات الاستوائية في الجنوب، وتمتد من البحر الأحمر شرقا إلى المحيط الأطلنطى غربا ، وتشمل ممالك ستار و كردفان ودارفور وواداى وباجر مي ويرتو أو الكالم وممالك الخوصة ثم مالي . أما اقليم دارفور ، وهو أقصى مديريات جمهورية السودان في الغرب حاليا ، فهو ذو صفات بشرية خاصة، منشؤها نشاط الفور أنفسهم ، حينما سرى فيهم وعى قبلى واضح ، وذلك فضلا عن محاولاتهم التوسعية الدالية ، من صارت لهم سلطنة في هذا الاقليم، يضاف الى هذه الصفات البشرية ، صفات طبيعية ، تابعة من الوضع الجغرافي لهذا الاقليم . ففى الشمال ينتهى اقليم دارفور عند الصحراء الليبية ، وفى الشرق تقع ، سلسلة عريضة من التلال الرملية ، تعرف بالأقواز ، وفى الجنوب يقع بحر العرب والمنطقة التي ينتشر فيها ذباب نسى نسي . أما الناحية الغربية من اقليم دارفور، فليس بينها وبين المساحات الممتدة غربا : مثل واداى وباجرمي ، ومنطقة تشاد حواجز جغرافية ولا فروق جوية أو نباتية . بل خضعت حدود دارفور من هذه الناحية ، اما لعوامل سياسية أو قبلية . أما عن تاريخ دارفور معلوماتنا عنه قليلة ، وتعتمد أساسا على الروايات الشفوية التي حفظها أهل البلاد جيلا بعد جيل، وهي روايات يكتفها التناقض والغموض، فتاريخ دارفور القديم لا تكاد تعرف عنه شيئا على وجه التحقيق ، وربما تكشف الأبحاث الأثرية في المستقبل هما غمض من تاريخ ذلك العصر . وكل ما يمكن أن يقال هنا : ان شعب الفور هم أصحاب البلاد الأصليون ، ويستقلون بالمنطقة الجبلية الوسطى، وبها جبل مرة . ومنذ حوالي القرن السابع الميلادي ، وقد على هذا الاقليم قبائل من الشمال عن طريق النيل من اللحية ، وعن طريق الصحراء من ناحية أخرى، فمن ناحية النيل جاءت جماعات الويبية من الميدوب والبرقد، على حين جاءت جماعات ليبية من البدايات والزغاوة من شمال افريقيا، واستطاعت هذه القبائل التوبية الليبية ، أن تطرد جماعات السود الى الجبال ، وأن تقيم في هذه المنطقة مسالك خاصة، وأدت هذه الهجرات الشمالية كذلك الى ازدياد تجارة الرقيق . أما الهجرات العربية الرئيسية إلى هذا الاقليم ، فيبدو أنها جاءت من مصر وشمال أفريقيا ، عبر السهوب والبراري الواقعة بين النوبة واقليم تشاد ، وذلك بعد أن قامت في مصر وشمال أفريقيا دول اسلامية مستقلة عن الخلافة العباسية . وتبدأ العصور الوسطى في دارفور حوالى القرن الثاني عشر ، حيث أقام الداجو سلطنة في هذه البلاد. ويبدو أن أولئك الداجو جاءوا من الشمال وحدد ابن سعيد وأبو الفدا وابن خلدون مواضعهم خلال القرنين الثاني عشر والرابع عشر غربي الواحات المصرية ، بين النوبة والكاتم ، وعرف الداجو عند هؤلاء المؤرخين باسم التاجوين ؛ وكانوا يقطنون على مقربة من قبيلة الزغاوة . واقتصر نفوذهم على الجزء الجنوبي الشرقي من دارفور .

وأعقب هذه القبيلة في التسلط على الفور ، قبيلة التنجور في القرن الخامس عشر الميلادي . غير أن سلطان هذه القبيلة الثانية اقتصر على الجزء الشمالي من دارفور - ومن المحتمل أن مملكتي الداجو والتنجور قامنا جنبا الى جنب ، حتى القرن السادس عشر، ويبدو تاريخ دارفور أكثر وضوحا منذ التجور با غير أن أولئك التنجور لم يستمر سلطانهم على ما تغلبوا عليه في دافور طويلا . فقد أدى اختلاط العرب بالفور إلى ظهور طبقة الكتجارة التي نالت تصيبا من الدماء العربية . هذه الطبقة ظهرت أسرة كيرا التي انتزعت حكم دارفور من السجور . وظل هذا البيت من الفور يحكم دارفور من حوالي منتصف القرن السابع عشر ، حتى نهاية حكم على دينار سنة ١٩١٩ م . وأول سلاطين هذا البيت ( دالى ) ، ثم ( كورو » ، ثم ( سليمان سولونج ) این «كورو » . ثم نزع من بيت الملك في دارفور أمير اسمه تو تسام ، وهو الأمير الذي حاربه سليمان وطرده من دارفور، فأسس مثلك المسيعات في . ومن کردفان . ومع أن الإسلام أخذ يشق طريقه إلى هذه البلاد منذ حوالي القرن الثالث عشر الميلادي على الأقل ، حيث أخذت تنهال عليه الهجرات العربية من الشمال والشرق والغرب ، فان الاسلام لم يصبح الدين الرسمي للبلاد الا حين تولى سلیمان سولونج عرش سلطنة دارفور سنة ١٦٤٠ م . ومنذ ذلك الحين، بدأ اقليم دارفور يدخل نطاق التاريخ العام ، وذلك على الرغم من أنه يعتمد على روايات أهل البلاد . اذ لم يتعثر على تاريخ مدون، أو وثائق ذات قيمة تاريخية ، اللهم الا ما سجله عن تاريخها ومظاهر حضارتها ، الرحالة الذين زاروا هذه البلاد. وأول أولئك الرواد الذين زاروا اقليم دارفور ، الرحالة الانجليزي براون وذلك في عهد سلطان دارفور السلطان عبد الرحمن الرشيد . وقد سلك براون في رحلته إلى دارفور طريق درب الأربعين ، من أسيوط إلى الفاشر ، وظل براون في دارفور نحو ثلاث سنوات من يوليو سنة ١٧٩٣ م إلى مارس سنة ١٧٩٦ م ؛ غير انه ظل في اثنائها شبه سجين ، فلم يسمح له بالتجول في البلاد أو جمع معلومات عنها ، بسبب ارتياب السلطان في نواياه ، باعتباره أوربيا مسيحيا ، وفى المهمة التي من أجلها جاء هذا الأوربي المسيحي إلى دارفور .. ثم ان براون لم يعثر في دارفور على تاريخ مدون لهذه البلاد ، ولذا جاءت المعلومات التي استطاع الحصول عليها من أهلها قليلة سطحية ، يشوبها الاضطراب وقلة العمق ، وذلك باستثناء بعض ملاحظات خاصة بأحوالها الجغرافية والاقتصادية وقتذاك ، وبعد حوالي سبع سنوات من رحلة براون الى دارفور ، أي في سنة ١٨٠٣م ، زار هذه البلاد رحالة عربي ، هو محمد بن عمر التونسي ، مؤلف هذا الكتاب الذى نقدمه اليوم بعد تحقيقه . وأتيح للرحالة محمد بن عمر التونسى أن يلم الماما واسعا بأحوال دارفور الاجتماعية والاقتصادية ، ونظمها السياسية والإدارية والحربية، وعلاقاتها بجيرانها ، فضلا عن ذكر تاريخها على ما ستذكره مفصلا بعد . وفى المدة من سنة ١٨٤٩م الى سنة ١٨٥٥ م قام الرحالة المعروف هنرى بارت Mens Bars برحلته المشهورة من طرابلس الغرب إلى بحيرة تشاد . وقد ارتاد بارت خلال هذه المدة بلاد السودان ما بين تبكت وباجرمي ، والمعروف ان بارت لم يقم بزيارة دارفور أو واداى ، ولكنه استطاع - أثناء اقامته في برنو - أن يجمع تتفا قليلة من تاريخ هذه الأقاليم ، معتمدا في ذلك على بعض الروايات الشفوية التي نقلها عن أهل البلاد أنفسهم ، فضلا عن اشارات قليلة البعض المؤلفين القدامى من العرب )

وفى سنة ١٨٧٤ م ، وصل الرحالة الألماني جوستاف لاختيجال Gair Mahadgato الى دارفور، بعد أن قضى ستة أعوام تقريبا في رحلته التي بدأها من طرابلس الغرب متجها إلى دارفور عن طريق بحيرة تشاد وباجرمي وواداى . وفى مدينة الفاشر عاصمة دارفور ، صرف لاختيجال ستة شهور ، جمع النامها كل ما استطاع جمعه من روايات شفوية ومكتوبة عن تاريخ دارفور الوسيط ، بمساعدة سلطان دارفور آنذاك السلطان ابراهيم بن محمد حسين - وأحد الأمراء الفوراويين، واسمه باسى طاهر ، وعلى الرغم من هذا ، فان لاختيجال لم تتح له الفرصة الكاملة لدراسة اقليم دارفور دراسة كافية . ذلك بأن السلطات الحاكمة في دارفور ، لم تسمح له بالتجول في أنحاء البلاد ، فلزم الطريق الرئيسي الذي يقطع دارفور من الغرب الى الشرق ، ثم اله جمع بياناته من دارفور في مدينة الفاشر ، وقد يكون هذا راجعا إلى ارتياب السلطان في مهمته ، لا سيما وأن الحكومة المصرية كانت تستعد آنذاك لقسم دارفور الى بقية أقاليم السودان التي كانت تحت ادارتها. ومع هذا فان رحلة تاختيجال الی و ادای ودارفور تعد مصدرا أصليا لتاريخ هذين الاقليمين ، ولا سيما ما يتعلق بتاريخ الأسرة الحاكمة في دارفور ، ونظم البلاد السياسية والادارية في عصره . هذا عرض موجز للرحالة الذين أسهموا بجهودهم في محاولة اجلاء بعض ما غمض من تاريخ سلطنة دارفور في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاد . وسواء أكان الهدف من هذه الرحلات التي قام بها أولئك الرحالة ، خدمة مصالح استعمارية ، أو البحث عن الحقيقة وخدمة العلم ، فانهم كانوا - باستثناء محمد بن عمر التونسي - موضع ارتياب السلطات الحاكمة في دارفور وقلقها ، فلم يتمكنوا من التنقل بحرية في أنحاء البلاد، ومن ثم لم يتيسر لهم دراسة أحوال البلاد دراسة كافية . أما محمد بن عمر التونسى ، فيختلف عن أولئك الرحالة الأوربيين . بن عمر فهو تونسى الآب والجد ، مصرى الأم والتربية : أفادته عروبته في الوصول الى دارفور ، موطن كثير من القبائل العربية التي تربطه واياها رابطة الأصل واللغة والدين ، وتربطه بأهلها من السودان - ومعظمهم وقتذاك من المسلمين - العروة الاسلامية الوثقى، صحيح أن محمد بن عمر التونسى لم يذهب الى دارفور حيا في الاستطلاع أو الدراسة أو الكشف الجغرافي ، ولكنه ذهب للحاق بأبيه عمر التونسي الذي رحل قبله الى ستار ثم الى دارفور. ومن قبل رحل جده سليمان الى سنار ، وأفاد محمد بن عمر التونسى فى الالمام بأحوال البلاد السياسية والاجتماعية والتاريخية، علاقة أبيه وجده من قبل بهذه البلاد التي ساهرا أهلها ، وأضحى لمحمد التونسى فيها اخوة وأعمام . وقد اشتغل هؤلاء جميعا بالعلم والتجارة ، وتنقلوا بين تونس ومصر والحجاز وستار ودارفور ووادای . وصارت لهم مصالح تجارية واسعة ومراكز سياسية مرموقة ، ومكانة دينية عظيمة عند ملوكها وفقائها. ومما لا شك فيه أن خيرة هؤلاء جميعا تضيف كثيرا الى ما اكتسبه محمد بن عمر التونسى من خبرة بأحوال هذه البلاد خلال اقامته بها . ومما يسر للتونسي التعرف على نواحى الحياة في البلاد ، سهولة التخاطب مع كافة الطبقات باللغة العربية ، التي لا يجهلها سوى القليل من أهل دارفور . وأتيح للتونسي - بما قاله أبوه عمر من مكانة لدى السلطان والأمراء والوزراء والفقهاء - أن يكون من ذوى الخطوة لديهم جميعا . فحضر مجالس السلطان ، ووقف على كثير من أسرار السياسة ، وتقاليد البلاط ، ونظم الحكم والادارة والقضاء ، وشهد بعض الحوادث السياسية والحربية الهامة . وأتيح للتونسي أن يتجول في كل انحاء دارفور فى حرية تامة، وأن يمر بمدنها وقراها وأسواقها ، وأن يدخل المناطق الجبلية الوعرة ، التي لا يسمح ) الأحد بالدخول فيها الا باذن من السلطان ، وهى المناطق التي يسكنها ( أعجام الفور ) على حد قول التونسي ، ولذا تتميز كتابات التونسي عما شهد في هذه البلاد - رغمحداثته وقتذاك - بالدقة وقوة الملاحظة ، والقدرة على النفاذ إلى أعماق الأمور ، وبذا استطاع التونسى أن يدرس حياة الناس على اختلاف سلالاتهم وطبقاتهم. 

أما ترجمة حياة محمد بن عمر التونسي ، قاله أودعها مقدمة كتابه . غير أن هنالك بعض ملاحظات توجب الالتفات ، وأول هذه الملاحظات أن كمية . حج اليها الجد سليمان، والابن عمر، والعقيد محمد بن عمر .. از تلقی الجد سليمان علومه الدينية واللغوية في الأزهر، وشاءت المقادير أن يخرج من تونس للحج فلا يعود اليها ، بل مسافر الى سنار حيث طاب له العيش وني أهله في تونس. وشاءت المقادير مرة ثانية أن يخرج سليمان في قافلة . إلى مصر للتجارة ، وأن يذهب عمر ابنه صحبة خاله أحمد بن سليمان الأزهرى من تونس للحج ، وأن يلتقى ثلاثتهم في مصر، فيتواعد الجميع على المقابلة مرة ثانية في القاهرة بعد انتهاء موسم الحج. غير أن أحمد بن سليمان الأزهرى مات ودفن في مكة . ولما عاد عمر الى مصر ولم يجد أباه ، الصرف الى تلقى العلوم الدينية في الأزهر. ولما لعياء الانتظار ، رحل الى ستار ، ولكنه عاد إلى القاهرة بعد أن يش من اقناع أبيه بالعودة إلى تونس . وواصل عمر دراسته في الأزهر ، وتزوج من فتاة مصرية أنجب منها ابنه محمدا سنة ١٣٠٤ هـ ( ١٧٨٩ م ) ثم انتخب عمر نقيبا لرواق المغاربة بالأزهر. ولما علم عمر بوفاة أبيه ، سافر إلى ستار ليضم اليه اخوة له غير أشقاء ، بيد أنه لم يعد إلى مصر أو إلى تونس ، بل طاب له كذلك العيش فى ستار ، وبعدها انتقل الى دارفور . حداثته وقتذاك - بالدقة وقوة الملاحظة ، والقدرة على النفاذ إلى أعماق الأمور ، وبذا استطاع التونسى أن يدرس حياة الناس على اختلاف سلالاتهم أما ابنه محمد، فانه نشأ في مصر، وتلقى دروسه في الأزهر، حتى إذا بلغ الرابعة عشرة من عمره ، اعتزم البحث عن أبيه في بلاد السودان. وشامت المقادير مرة ثالثة أن يلتقى محمد بن عمر التونسي بصديق لأبيه ، هو السيد (1) راجع مقال مصطفی مسعد : سلطنة دارفور - تاريخها وبعض مظاهر حضارتها مجلة الجمعية المصرية التاريخية ، العدد ۱۱ ، ۱۹۹۳ ، ص ۲۱۹ - ۲۲۳ 11 احمد البدوى، من أكبر تجار دارفور، فسافر معه محمد صحبة قافلة مسافرة الى دارفور . وسلك محمد بن عمر التونسي درب الأربعين ، وهو الطريق الذي سلكه قبل ذلك بعشر سنوات، الرحالة الانجليزي براون . ولما وصل محمد ابن عمر التونسى الى دارفور، استقبله هناك عنه غير الشقيق أحمد زروق ، وصحبه الى حيث يقيم أبوه عمر التونسى فى اقطاعه الذي منحه ايام السلطان عبد الرحمن الرشيد في « أبو الجدول » كان السلطان وقتذاك ، أى سنة ۱۲۱٨ هـ ( ۱۸۰۳ م ) ، هو الحدث محمد فضل ، الذي خلف أباء عبد الرحمن الرشيد على حكم دارفور ، وتولى الوصاية عليه الوزير الأعظم الأب الشيخ محمد كثر . ولم يفت عمر التونسي أن يقدم ابنه محمدا إلى أولى الأمر في البلاد، فأرسله الى تندلتي محملا بالهدايا الى الوزير الأعظم الأب الشيخ . محمد كثرا والفقيه مالك القوتاوى . ولما عاد محمد بن عمر التونسي الى ( أبو الجدول ، محملا بالهدايا والخلع ، سافر عمر الى تندلتي ليستأذن في السفر الى تونس لرؤية أهله وأقاريه ، وليخبر الوزير الأعظم أنه سيترك ابنه محمدا في «أبو الجدول ، ليجمع خراج اقطاعه وينتفع بزراعته . فسمح له الوزير الأعظم بالسفر، بعد أن وعده عمر بالعودة مرة ثانية الى دارفور . أعلى عمر ابنه محمدا وثيقة الاقطاع في «أبو الجدول » ، ثم غادر دارفور قاصدا تونس بطريق واداى . غير أنه لما وصل إلى واداى ، تطلع للحصول على منصب رفيع في حاشية السلطان محمد عبد الكريم صابون سلطان وادای وقتذاك . واستطاع عمر أن يظفر بمنصب وزير في حكومة واداى ، وحصل على أملاك في قرية أبالى كذلك. وظل عمر على ذلك عدة سنوات ، انتظر خلالها وصول ابنه محمد الى واداى . ولما تأخر وصوله، استعد عمر للسفر إلى تونس بعد أن أوصى أن يخلفه فى الوزارة أحمد القاسي ، وعهد الى أخيه أحمد زروق أن يشرف على أملاكه في أبالى ، ويرعى أسرته وبنيه فيها . 


الدر اللامع في النبات وما فيه من الخواص والمنافع . ولمحمد بن عمر التونسى فضل لا ينكر في مراجعة بعض المؤلفات العربية القديمة التي طبعت في مصر على عهده، ومن هذه المؤلفات : مقامات الحريري ، والمستطرف للأيشيهي . ثم انه أشرف على طبع القاموس المحيط للفيروز أبادي بمطيعة بولاق ، وذلك بعد مراجعة نسخة كتلكننا على نحو سبع نسخ مخطوطة لهذا القاموس . . وجرى محمد بن عمر التونسى ، في أواخر أيامه ، على القاء دروس في الحديث بسجد السيدة زينب ، فى يوم الجمعة من كل أسبوع، وتوفى بالقاهرة كتوز الصحة وبواقيت المنحة . - روضة النجاح الكبرى في العمليات الجراحية الصغرى . الدر القوال في معالجة أمراض الأطفال (1) سنة ١٣٧٤ هـ ( ١٨٥٧ م ) بعد أن عمر سبعين سنة هجرية (٢) . كان الأصل المعتمد في نشر كتاب ( تشعيذ الأذهان ، بسيرة بلاد العرب والسودان ، هو النسخة المطبوعة بالحجر، التي كتبها المستشرق بيرون بخطه، ونشرها في باريس سنة ١٨٥٠ م ، كما جاء في آخر النسخة حيث تجد ما نصه : ( وقد طبع بالحجر هذه النسخة الجليلة ، المنسقة الجميلة ، بدار طباعة السيد كينينتين  الفاخرة ، الكائنة بمدينة بارز الباهرة ، وذلك برسم وخط السيد بيرون ، بنعمة الله وعون . وكمل طبعه على ذمته .

ونظره وهمته ، في سلخ شهر تولمير سنة خمسين وثمانمائة بعد الألف المسيحية ، والحمد لله في البدء والنهاية ، ونسأله من الخير بلوغ الغاية ، آمين ) . وفي الترجمة العربية لدائرة المعارف الاسلامية ، أن النسخة العربية التي نشرها بیرون عام ۱۸۵۰ و هي النسخة التي كتبها المؤلف بخط يده ، ، ومن المؤكد أن المترجم النيس عليه الأمر، فالعبارة المذكورة في آخر النسخة العربية صريحة في بيان أن النسخة مكتوبة برسم بيرون وخطه ، فضلا عن أن الأصلين الألماني والانجليزى للدائرة يفيدان أن النسخة العربية كتبها بيرون بخطه وقد نشرت الطبعة التي بالحجر في طاق ضيق للغاية ، إذ كان عدد النسخ التي طبعت من الكتاب آنذاك لا يتجاوز المائة  ، فنسخه منذ طبع نادرة ، وهي اليوم أندر . ومما تجدر الاشارة اليه أن الكتاب طبع قبل وفاة المؤلف يسبع سنين ، وأن المؤلف كان يعيش حينذاك فى القاهرة حيث كان يعمل بيرون . وفي آخر النسخة المطبوعة بالحجر تصويبات كثيرة تربو على السبعين ، منها المعطى الذى عدل فيه عن لفظ الى لفظ غيره ، ومنها ما هو اضافة لفظ أو عبارة أو عبارات سقطت عند النسخ فاستدركت عند المراجعة من مثل قول المؤلف في الأصل : ( فتخرج الشابات من النساء صفوفا صفوفا ، . وقد صحح عند المراجعة فصار : ( فتخرج الشابات من النساء متزينات ، والشبان من الرجال في أكمل زنة يقدرون عليها ، وتصطف النساء صفوفا صفوفا ) .



الرابط 


اضغط هنا 




اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي